التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
٨٣
-النساء

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج عبد بن حميد ومسلم وابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصا ويقولون‏:‏ طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي‏:‏ لم يطلق نساءه‏.‏ ونزلت هذه الآية في ‏ { ‏وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏ } ‏ فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به‏ }‏ يقول‏:‏ أفشوه وسعوا به ‏ { ‏ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏ } ‏ يقول‏:‏ لعلمه الذين يتجسسونه منهم‏.‏
وأخرج ابن جريج وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس ‏ { ‏وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به‏ }‏ قال‏:‏ هذا في الإخبار، إذا غزت سرية من المسلمين خبر الناس عنها، فقالوا‏:‏ أصاب المسلمين من عدوهم كذا وكذا، وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا، فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو يخبرهم به‏.‏ قال ابن جريج‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ ‏ { ‏أذاعوا به‏ } ‏ أعلنوه وأفشوه ‏ { ‏ولو ردوه إلى الرسول‏ } ‏ حتى يكون هو الذي يخبرهم به ‏ { ‏وإلى أولي الأمر منهم‏ } ‏ أولي الفقه في الدين والعقل‏.‏
وأخرج ابن جريج وابن أبي حاتم عن السدي ‏ { ‏وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف‏ } ‏ يقول‏:‏ إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم، أو أنهم خائفون منه، أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوهم أمرهم ‏ { ‏ولو ردوه إلى الرسول‏ } ‏ يقول‏:‏ ولو سكتوا وردوا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ‏ { ‏وإلى أولي الأمر منهم‏ } ‏ يقول‏:‏ إلى أميرهم حتى يتكلم به ‏{ ‏لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏ } ‏ يعني عن الأخبار، وهم الذين ينقرون عن الأخبار‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ‏ { ‏وإذا جاءهم أمر‏ } ‏ قال‏:‏ هم أهل النفاق‏.‏
وأخرج ابن جرير عن أبي معاذ. مثله‏.
وأخرج عن ابن زيد في قوله ‏ { ‏أذاعوا به‏ }‏ قال‏:‏ نشروه‏.‏ قال‏:‏ والذين أذاعوا به قوم إمَّا منافقون وإما آخرون ضعفاء‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ‏ { ‏ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم‏ } ‏ يقول‏:‏ إلى علمائهم‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال‏:‏ الولاة الذين يكونون في الحرب عليهم، يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر أصدق أم كذب‏.‏
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية ‏ { ‏لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏ } ‏ قال‏:‏ يتبعونه ويتجسسونه‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ‏{ ‏لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏ } ‏ قال‏:‏ الذين يسألون عنه ويتجسسونه‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏ { ‏لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏ } ‏ قال‏:‏ قولهم ماذا كان وما سمعتم‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق سعيد عن قتادة قال‏:‏ إنما هو ‏ { ‏لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏ } ‏ الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك إلا قليلاً منهم ‏ { ‏ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان‏ } ‏‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة في قوله ‏ { ‏ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً‏ } ‏ يقول‏:‏ لاتبعتم الشيطان كلكم‏.‏ وأما قوله ‏ { ‏إلا قليلا‏ً } ‏ فهو لقوله ‏ { ‏لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏ } ‏ إلا قليلاً‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان‏ }‏ قال‏:‏ فانقطع الكلام‏.‏ وقوله ‏{ ‏إلا قليلا‏ً }‏ فهو في أوّل الآية يخبر عن المنافقين قال ‏ { ‏فإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به‏ } ‏ إلا قليلاً‏.‏ يعني بالقليل المؤمنين‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ هذه الآية مقدمة ومؤخرة، إنما هي ‏{ ‏أذاعوا به إلا قليلاً منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير‏ } ‏‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ‏ { ‏ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا‏ً } ‏ قال‏:‏ هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا حدثوا أنفسهم بأمر من أمور الشيطان إلا طائفة منهم‏.‏