التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٢
غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
٣
-غافر

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن الضريس عن إسحاق بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لكل شجرة ثمراً وإن ثمرات القرآن ذوات ‏(‏حم‏)‏ من روضات، مخصبات، معشبات، متجاورات فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم ومن قرأ سورة ‏‏الدخان‏‏ في ليلة الجمعة أصبح مغفوراً له، ومن قرأ ‏{ الۤـمۤ تنزيل‏ } السجدة و{ ‏تبارك الذي بيده الملك‏ }‏ في يوم وليلة فكأنما وافق ليلة القدر، ومن قرأ ‏{ ‏إذا زلزلت الأرض زلزالها‏ }‏ فكأنما قرأ ربع القرآن، ومن قرأ ‏{ ‏قل يا أيها الكافرون‏ }‏ فكأنما قرأ ربع القرآن، ومن قرأ ‏{ قل هو الله أحد }‏ عشر مرات بنى الله له قصراً في الجنة‏. فقال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ إذن نستكثر من القصور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ الله أكثر وأطيب، ومن قرأ { ‏قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس }‏ لم يَبْقَ شيء من البشر إلا قال‏:‏ أي رب أعذه من شري، ومن قرأ ‏‏أم القرآن‏‏ فكأنما قرأ ربع القرآن، ومن قرأ { ‏ألهاكم التكاثر }‏ فكأنما قرأ ألف آية"
‏"‏‏. وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال ‏ { ‏حـمۤ‏ } ‏اسم من أسماء الله تعالى‏.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد وابن سعد وابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه وابن مردويه عن المهلب بن أبي صفرة رضي الله عنه قال‏:‏ حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏إن قلتم الليلة ‏{ ‏حـمۤ }‏ لا ينصرون"
‏"‏‏.‏ وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إنكم تلقون عدوّكم غداًَ فليكن شعاركم ‏{ ‏‏حـمۤ‏ }‏ لا ينصرون‏"
‏‏.‏ وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ ‏ "‏انهزم المسلمون بخيبر، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب حفنها في وجوههم، وقال { حـمۤ‏ }‏ لا ينصرون، فانهزم القوم، وما رميناهم بسهم، ولا طعن برمح‏"
‏‏. وأخرج البغوي والطبراني عن شيبة بن عثمان رضي الله عنه قال‏:‏ ‏ "‏لما كان يوم خيبر تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحصى ينفخ في وجوههم وقال‏: شاهت الوجوه ‏{ ‏حـمۤ‏‏ }‏ لا ينصرون‏" .
وأخرج عبد بن حميد عن يزيد بن الأصم رضي الله عنه أن رجلاً كان ذا بأس وكان من أهل الشام، وأن عمر فقده فسأل عنه فقيل له‏:‏ في الشراب، فدعا عمر رضي الله عنه كاتبه فقال له‏:‏ اكتب‏ من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان‏.‏‏.‏‏.‏
سلام عليكم، فإن أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ‏ { ‏غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير‏ } ‏ ثم دعا، وأمن من عنده، فدعوا له أن يقبل الله عليه بقلبه، وأن يتوب الله عليه‏.‏ فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول ‏ { ‏غافر الذنب‏ }‏ قد وعدني أن يغفر لي، ‏{ ‏وقابل التوب شديد العقاب‏ }‏ قد حذرني الله عقابه ‏ { ‏ذي الطول‏ } ‏ الكثير الخير ‏{ ‏إليه المصير‏ }‏ فلم يزل يرددها على نفسه حتى بكى، ثم نزع فاحسن النزع‏.‏ فلما بلغ عمر رضي الله عنه أمره قال‏:‏ هكذا فافعلوا إذا رأيتم حالكم في زلة فسددوه، ووفقوه وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشيطان عليه‏.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ كان شاب بالمدينة صاحب عبادة، وكان عمر رضي الله عنه يحبه، فانطلق إلى مصر، فانفسد فجعل لا يمتنع من شر، فقدم على عمر رضي الله عنه بعض أهله، فسأله حتى سأله عن الشاب فقال‏:‏ لا تسألني عنه قال‏:‏ لم‏؟‏ قال‏:‏ لأنه قد فسد وخلع، فكتب إليه عمر رضي الله عنه‏:‏ من عمر إلى فلان ‏ { ‏حـمۤ‏ تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير‏ } ‏ فجعل يقرأها على نفسه فأقبل بخير‏.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله ‏{ ‏غافر الذنب وقابل التوب‏ }‏ قال ‏{ ‏غافر الذنب‏ } ‏ لمن لم يتب ‏{ ‏وقابل التوب‏ } ‏ لمن تاب‏.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن أبي إسحاق السبيعي قال‏:‏ جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن قتلت فهل لي من توبة‏؟‏ فقرأ عليه ‏ { ‏حـمۤ‏ تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم، غافر الذنب وقابل التوب‏ } ‏ وقال‏:‏ اعمل ولا تيأس‏.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏ { ‏ذي الطول‏ } ‏ السعة والغنى‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ‏ { ‏ذي الطول‏ }‏ قال‏:‏ ذي الغنى‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ‏{ ‏ذي الطول‏ }‏ قال‏:‏ ذي النعم‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ‏ { ‏ذي الطول‏ }‏ قال‏:‏ ذي المن‏.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏غافر الذنب وقابل التوب‏.‏‏.‏‏.‏‏ } ‏ قال ‏{ ‏غافر الذنب‏ }‏ لمن يقول لا إله إلا الله ‏ { ‏قابل التوب‏ } ‏ لمن يقول لا إله إلا الله { ‏شديد العقاب‏ } ‏ لمن لا يقول لا إله إلا الله ‏ { ‏ذي الطول‏ } ‏ ذي الغنى ‏ { ‏لا إله إلا هو‏ } ‏ كانت كفار قريش لا يوحدونه فوحد نفسه ‏ { ‏إليه المصير‏ }‏ مصير من يقول لا إله إلا هو فيدخله الجنة، ومصير من لا يقول لا إله إلا هو فيدخله النار‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ثابت البناني رضي الله عنه قال‏:‏ كنت مع مصعب بن الزبير رضي الله عنه في سواد الكوفة، فدخلت حائطاً أصلي ركعتين، فافتتحت ‏ { ‏حـمۤ‏‏ }‏ المؤمن حتى بلغت ‏ { ‏لا إله إلا هو إليه المصير‏ }‏ ، فإذا خلفي رجل على بغلة شهباء عليه مقطنات يمنية فقال‏:‏ إذا قلت ‏{ ‏قابل التوب‏ } ‏ فقل‏:‏ يا قابل التوب اقبل توبتي، وإذا قلت ‏ { ‏شديد العقاب‏ }‏ فقل‏:‏ يا شديد العقاب لا تعاقبني، ولفظ ابن أبي شيبة اعف عني، وإذا قلت ‏ { ‏ذي الطول‏ }‏ فقل‏:‏ يا ذا الطول طل علي بخير قال‏:‏ فقلتها ثم التفت فلم أر أحداً، فخرجت إلى الباب فقلت‏:‏ مر بكم رجل عليه مقطنات يمينة‏؟‏‏!‏ قالوا‏:‏ مارأينا أحداً‏.‏ كانوا يقولون إنه إلياس‏.