التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
٣٦
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
٣٧
حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ
٣٨
وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ
٣٩
أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٤٠
-الزخرف

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن أبي حاتم، عن محمد بن عثمان المخرمي، أن قريشاً قالت‏:‏ قيضوا لكل رجل رجلاً من أصحاب محمد يأخذه، فقيضوا لأبي بكر رضي الله عنه طلحة بن عبيد الله، فأتاه وهو في القوم، فقال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ إلام تدعوني‏؟‏ قال‏:‏ أدعوك إلى عبادة اللات والعزى‏!‏ قال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ وما اللات‏؟‏ قال‏:‏ ربنا‏.‏ قال‏:‏ وما العزى‏؟‏ قال‏:‏ بنات الله‏.‏ قال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ فمن أمهم‏؟‏ فسكت طلحة، فلم يجبه، فقال طلحة لأصحابه‏:‏ أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة‏:‏ قم يا أبا بكر، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فأنزل الله ‏ { ‏ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً‏ } ‏ الآية‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس ‏ { ‏ومن يعش عن ذكر الرحمن‏ } ‏ قال‏:‏ يعمى قال ابن جرير‏‏ هذا على قراءة فتح الشين‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة ‏{ ‏ومن يعش‏ } ‏ قال‏:‏ يعرض ‏ { ‏وإنهم ليصدونهم عن السبيل‏ } ‏ قال‏:‏ عن الدين ‏{ ‏حتى إذا جاءنا‏ } ‏ جميعاً هو وقرينه‏.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ‏"‏حتى إذا جاءنا‏"‏ على معنى اثنين هو وقرينه‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏ ‏{ ‏ومن يعش‏ }‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ من جانب الحق، وأنكره وهو يعلم أن الحلال حلال وأن الحرام حرام، فترك العلم بالحلال والحق لهوى نفسه، وقضى حاجته، ثم أراد من الحرام، قيض له شيطان‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن سعيد الجزري في قوله‏ ‏ { ‏نقيض له شيطانا‏ً }‏ قال‏:‏ بلغنا أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره شفع بيده شيطان، ولم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار، فذلك حين يقول‏:‏ ‏ { ‏يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين‏ } ‏ قال‏:‏ وأما المؤمن، فيوكل به ملك حتى يقضى بين الناس، أو يصير إلى الجنة‏.
وأخرج ابن حبان والبغوي وابن قانع والطبراني وابن مردويه، عن شريك بن طارق رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏ليس منكم أحد إلا ومعه شيطان قالوا‏:‏ ومعك يا رسول الله‏؟‏ قال‏: ومعي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم‏"
‏‏.‏ وأخرج مسلم وابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً قالت‏:‏ فغرت عليه فجاء، فرأى ما أصنع، ‏فقال ما لك يا عائشة أَغِرْت‏؟ فقلت‏:‏ وما لي لا يغار مثلي على مثلك، فقال‏:‏ أقد جاء شيطانك‏؟ قلت‏:‏ يا رسول الله، أمعي شيطان‏؟‏ قال‏: نعم، ومع كل إنسان‏.‏ قلت‏:‏ ومعك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم"
‏"‏‏.‏ وأخرج مسلم وابن مردويه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "‏ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن‏. قالوا‏:‏ وإياك يا رسول الله، قال‏:‏ وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني الا بخير"
‏"‏‏.‏ وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "‏ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن‏.‏ قالوا‏:‏ وإياك يا رسول الله، قال‏:‏ وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم‏"
‏‏.‏ وأخرج أحمد في الزهد، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال‏:‏ ليس من الآدميين أحد إلا ومعه شيطان موكل به، أما الكافر، فيأكل معه من طعامه ويشرب معه من شرابه وينام معه على فراشه، وأما المؤمن، فهو يجانب له، ينتظره حتى يصيب منه غفلة، أو غرة، فيثب عليه، وأحب الآدميين إلى الشيطان، الأكول النؤوم‏.