التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠
-الأحقاف

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج أبو يعلى، وابن جرير، والطبراني، والحاكم وصححه بسند صحيح عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: "انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى دخلنا على كنيسة اليهود يوم عيدهم، فكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أروني اثني عشر رجلاً منكم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يحبط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه. فسكتوا فما أجابه منهم أحد، ثم رد عليه فلم يجبه أحد، فثلث فلم يجبه أحد، فقال: أبيتم فوالله لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا المقفي آمنتم أم كذبتم . ثم انصرف وأنا معه حتى كدنا أن نخرج فإذا رجل من خلفه، فقال: كما أنت يا محمد فأقبل فقال ذلك الرجل أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود؟ فقالوا: والله ما نعلم فينا رجلاً أعلم بكتاب الله ولا أفقه منك ولا من أبيك ولا من جدك. قال: فإني أشهد بالله أنه النبي الذي تجدونه في التوراة والإِنجيل. قالوا: كذبت، ثم ردوا عليه، وقالوا: شراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبتم لن يقبل منكم قولكم. فخرجنا ونحن ثلاث: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وابن سلام. فأنزل الله { قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } " .
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، وفيه نزلت { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } .
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: نزلت فيّ آيات في كتاب الله، نزلت فيّ { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } ونزل فيَّ
{ قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب } [الرعد: 43].
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما { وشهد شاهد من بني إسرائيل } قال: عبد الله بن سلام.
وأخرج ابن سعد وعبد حميد وابن جرير عن مجاهد والضحاك مثله.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم وقتادة مثله.
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن مجاهد وعطاء وعكرمة { وشهد شاهد من بني إسرائيل } قال: عبد الله بن سلام.
وأخرج الحسن بن مسلم رضي الله عنه، نزلت هذه الآية بمكة وعبد الله بن سلام بالمدينة.
وأخرج ابن سعد وبان عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال: نزلت { حم } وعبد الله بالمدينة مسلم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: كانوا يرون أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلام { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } قال: والسورة مكية، والآية مدنية. قال: وكانت الآية تنزل فيؤمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يضعها بين آيتي كذا وكذا في سورة كذا، يرون أن هذه منهن.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } قال: ليس بعبد الله بن سلام، هذه الآية مكية، فيقول: من آمن من بني إسرائيل فهو كمن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال: ما نزل في عبد الله بن سلام رضي الله عنه شيء من القرآن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه في قوله { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } قال: والله ما نزلت في عبد الله بن سلام، ما نزلت إلا بمكة، وإنما كان إسلام ابن سلام بالمدينة، وإنما كانت خصومة خاصم بها محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن سّعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال: لما أراد عبد الله بن سلام الإِسلام دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أنك رسول الله أرسلك بالهدى ودين الحق وإن اليهود تجد ذلك عندهم في التوراة منعوتاً. ثم قال له: أرسل إلى نفر من اليهود فسلهم عني وعن والدي فإنهم سيخبرونك وإني سأخرج عليهم، فأشهد أنك رسول الله لعلهم يسلمون. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النفر فدعاهم وخبأه في بيته، فقال لهم ما عبد الله بن سلام فيكم، وما كان والده؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا وعالمنا وابن عالمنا. قال: أرأيتم إن أسلم أتسلمون؟ قالوا: إنه لا يسلم. فخرج عليهم فقال: أشهد أنك رسول الله وإنهم ليعلمون منك مثل ما أعلم. فخرجوا من عنده وأنزل الله في ذلك { قل أرأيتم إن كان من عند الله } الآية.
وأخرج ابن مردوية عن جندب قال: جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي الباب ثم قال: أنشدكم بالله أي قوم أتعلمون أني الذي أنزلت فيه { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } الآية؟ قالوا: اللهم نعم.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: جاء ميمون بن يامين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رأس اليهود بالمدينة قد أسلم وقال: يا رسول الله ابعث إليهم فاجعل بينك وبينهم حكماً من أنفسهم فإنهم سيرضوني فبعث إليهم، وأدخله الداخل فأتوه فخاطبوه مليّاً فقال لهم: اختاروا رجلاً من أنفسكم يكون حكماً بيني وبينكم قالوا: فإنا قد رأينا بميمون بن يامين فأخرجه إليهم، فقال لهم ميمون أشهد أنه رسول الله وأنه على الحق، فأبوا أن يصدقوه، فأنزل الله فيه { قل أرأيتم إن كان من عند الله } الآية.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } قال: موسى مثل محمد والتوراة مثل القرآن فآمن هذا بكتابه ونبيه وكفرتم أنتم يا أهل مكة.