التفاسير

< >
عرض

إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١١٨
-المائدة

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه ‏ "عن أبي ذر قال‏: ‏صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها ‏ { ‏إن تعذبهم فإنهم عبادك‏.‏‏.‏‏.‏‏ } ‏ الآية‏.‏ فلما أصبح قلت‏:‏ يا رسول الله، ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت‏؟‏‏!‏ قال‏: إني سألت ربي الشفاعة لأمتي فأعطانيها، وهي نائلة إن شاء الله من لا يشرك بالله شيئا‏ً"
‏‏". وأخرج ابن ماجة عن أبي ذر قال ‏"‏قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها ‏ { ‏إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم‏ }".
وأخرج مسلم والنسائي وابن أبي الدنيا في حسن الظن وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن عمرو بن العاص
‏ ‏ "‏أن نبي الله تلا قول الله في إبراهيم { رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني‏.‏‏.‏‏. } [‏إبراهيم: 36‏]‏ الآية‏.‏ وقال عيسى بن مريم ‏ { ‏إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم‏ } ‏ فرفع يديه فقال‏:‏ اللهم أمتي أمتي وبكى‏.‏ فقال الله‏: جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك‏"
‏‏. وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر قال ‏"‏بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة يشفع لأمته، فكان يصلي بهذه الآية ‏ { ‏إن تعذِّبهم فإنهم عبادك‏.‏‏.‏‏.‏‏ }‏ إلى آخر الآية‏.‏ كان بها يسجد، وبها يركع، وبها يقوم، وبها يقعد حتى أصبح‏"‏‏.
وأخرج ابن مردويه
"عن أبي ذر قال‏: ‏قلت للنبي صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي يا رسول الله قمت الليلة بآية من القرآن، ومعك قرآن لو فعل هذا بعضنا لوجدنا عليه‏؟‏ قال‏:‏ دعوت لأمتي‏.‏ قال‏:‏ فماذا أجبت‏؟‏ قال‏:‏ أجبت بالذي لو اطَّلع كثير منهم عليه تركوا الصلاة‏.‏ قال‏:‏ أفلا أبشر الناس‏؟‏ قال‏: بلى‏.‏ فقال عمر‏:‏ يا رسول الله إنك إن تبعث إلى الناس بهذا نكلوا عن العبادة، فناداه أن ارجع فرجع، وتلا الآية التي يتلوها ‏ { ‏إن تعذِّبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم‏ }"
. ‏‏وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس ‏ { ‏إن تعذبهم فإنهم عبادك‏ } ‏ يقول‏:‏ عبيدك قد استوجبوا العذاب بمقالتهم ‏ { ‏وإن تغفر لهم‏ } ‏ أي من تركت منهم ومد في عمره حتى أهبط من السماء إلى الأرض يقتل الدجال، فنزلوا عن مقالتهم ووحدوك، وأقروا إنا عبيد ‏ { ‏وإن تغفر لهم‏ }‏ حيث رجعوا عن مقالتهم ‏ { ‏فإنك أنت العزيز الحكيم‏ }‏"‏‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله ‏ { ‏إن تعذبهم فإنهم عبادك‏ }‏ يقول‏:‏ إن تعذبهم تميتهم بنصرانيتهم فيحق عليهم العذاب فإنهم عبادك ‏ { ‏وإن تغفر لهم‏ } ‏ فتخرجهم من النصرانية وتهديهم إلى الإسلام ‏ { ‏فإنك أنت العزيز الحكيم‏ } ‏ هذا قول عيسى عليه السلام في الدنيا‏.