التفاسير

< >
عرض

فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِينَ
٣١
-المائدة

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطية قال‏:‏ لما قتله ندم، ضمه إليه حتى أروح، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله، وكره أن يأتي به آدم فيحزنه، فبعث الله غرابين قتل أحدهما الآخر وهو ينظر إليه، ثم حفر به بمنقاره وبرجليه حتى مكَّن له، ثم دفعه برأسه حتى ألقاه في الحفرة، ثم بحث عليه برجليه حتى واراه، فلما رأى ما صنع الغراب ‏ { ‏قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي‏ }.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ بعث الله غرابين فاقتتلا، فقتل أحدهما الآخر ثم جعل يحثو عليه التراب حتى واراه، فقال ابن آدم القاتل‏:‏ ‏ { ‏يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي‏ }‏‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ جاء غراب إلى غراب ميت، فحثا عليه التراب حتى واراه، فقال الذي قتل أخاه ‏ { ‏يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي‏ }‏‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ مكث يحمل أخاه في جراب على رقبته سنة، حتى بعث الله الغرابين، فرآهما يبحثان فقال ‏ { ‏أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب‏ } ‏ فدفن أخاه‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن سالم بن أبي الجعد قال‏:‏ ان آدم لما قتل أحد ابنيه الآخر، مكث مائة عام لا يضحك حزناً عليه، فأتى على رأس المائة فقيل له‏:‏ حياك الله وبياك وبشر بغلام، فعند ذلك ضحك‏.‏
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‏:‏ لما قتل ابن آدم، بكى آدم فقال‏:

تغيرت البلاد ومن عليها فلون الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون وطعم وقل بشاشة الوجه المليح

فأجيب آدم عليه السلام‏:‏

أبا هابيل قد قتلا جميعاً وصار الحي بالميت الذبيح
وجاء بشره قد كان منه على خوف فجاء بها يصيح

وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس قال‏:‏ لما قتل ابن آدم أخاه قال آدم عليه الصلاة والسلام‏:

تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون وطعم وقل بشاشة الوجه الصبيح
قتل قابيل هابيلاً أخاه فوا حزناً مضى الوجه المليح

فأجابه إبليس عليه اللعنة‏:‏

تنح عن البلاد وساكنيها فبي في الخلد ضاق بك الفسيح
وكنت بها وزوجك في رخاء وقلبك من أذى الدنيا مريح
فما انفكت مكايدتي ومكري إلى أن فاتك الثمن الربيح