التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
٤
-المائدة

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن أبي رافع قال‏:‏ ‏ "‏جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه فأذن له، فأبطأ فأخذ رداءه فخرج، فقال‏: قد أذنا لك‏!‏ قال‏:‏ أجل، ولكنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو‏.‏ قال أبو رافع‏:‏ فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة ففعلت، وجاء الناس فقالوا‏:‏ يا رسول الله، ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها‏؟‏ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ‏ { ‏يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوراح مكلبين‏ } ‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: إذا أرسل الرجل كلبه، وذكر اسم الله فأمسك عليه، فليأكل مالم يأكل‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن جرير عن عكرمة‏.‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع في قتل الكلاب، فقتل حتى بلغ العوالي، فدخل عاصم بن عدي، وسعد بن خيثمة، وعويم بن ساعدة، فقالوا‏:‏ ماذا أحل لنا يا رسول الله‏؟‏ فنزلت ‏ { ‏يسئلونك ماذا أحل لهم‏.‏‏.‏‏ } ‏ الآية‏.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال ‏"‏لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب قالوا‏:‏ يا رسول الله، ماذا أحل لنا من هذه الأمة‏؟‏ فنزلت ‏ { ‏يسئلونك ماذا أحل لهم‏.‏‏.‏‏ }‏ الآية‏"‏‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا‏:‏ ‏"‏يا رسول الله، قد حرم الله الميتة‏.‏ فماذا يحل لنا‏؟‏ فنزلت ‏ { ‏يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات‏ }‏"‏‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عامر‏.‏ أن عدي بن حاتم الطائي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن صيد الكلاب، فلم يدرِ ما يقول له حتى أنزل الله عليه هذه الآية في المائدة ‏ { ‏تعلمونهن مما علمكم الله‏ }‏‏.‏
وأخرج ابن جرير عن عروة بن الزبير عمن حدثه،
‏‏ "أن رجلاً من الأعراب أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في الذي حرم الله عليه والذي أحل له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يحل لك الطيبات، ويحرم عليك الخبائث، إلا أن تفتقر إلى طعام لك فتأكل منه حتى تستغني عنه‏.‏ فقال الرجل‏:‏ وما فقري الذي يحل لي، وما غناي الذي يغنيني عن ذلك‏؟‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏: إذا كنت ترجو نتاجاً فتبلغ من لحوم ماشيتك إلى نتاجك، أو كنت ترجو غنى تطلبه فتبلغ من ذلك شيئاً، فاطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه‏. فقال الأعرابي‏:‏ ما غناي الذي أدعه إذا وجدته‏؟‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏: إذا أرويت أهلك غبوقاً من الليل فاجتنب ماحرم الله عليك من طعام، وأما مالك فإنه ميسور كله ليس فيه حرام‏"
‏‏.‏ وأخرج الطبراني عن صفوان بن أمية، "أن عرفطة بن نهيك التميمي قال‏: ‏يا رسول الله، إني وأهل بيتي يرزقون من هذا الصيد ولنا فيه قسم وبركة، وهو مشغلة عن ذكر الله وعن الصلاة في جماعة، وبنا اليه حاجة، أفتحله أم أحرمه‏؟‏ قال‏:‏ أحله، لأن الله قد أحله نعم العمل، والله أولى بالعذر، قد كانت قبلي لله رسل كلهم يصطادون ويطلبون الصيد، ويكفيك من الصلاة في جماعة إذا غبت غبت عنها في طلب الرزق حبك الجماعة وأهلها، وحبك ذكر الله وأهله، وابتغ على نفسك وعيالك حلالاً، فإن في ذلك جهاد في سبيل الله، واعلم أن عون الله في صالح التجار"
‏"‏‏.‏ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏وما علمتم من الجوارح مكلبين‏ } ‏ قال‏:‏ هي الكلاب المعلمة، والبازي يعلم الصيد، والجوارح يعني‏:‏ الكلاب، والفهود، والصقور، وأشباهها ‏{ ‏والمكلبين‏ } ‏ الضواري ‏ { ‏فكلوا مما أمسكن عليكم‏ } ‏ يقول‏:‏ كلوا مما قتلن، فإن قتل وأكل فلا تأكل ‏ { ‏واذكروا اسم الله عليه‏ } ‏ يقول‏:‏ إذا أرسلت جوارحك فقل بسم الله، وإن نسيت فلا حرج‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏ { ‏من الجوارح مكلبين‏ } ‏ قال‏:‏ الطير، والكلاب‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ‏ { ‏من الجوارح مكلبين‏ }‏ قال‏:‏ يكالبن الصيد ‏ { ‏فكلوا مما أمسكن عليكم‏ } ‏ قال‏:‏ إذا أرسلت كلبك أو طائرك أو سهمك فذكرت اسم الله فأمسك أو قتل فكل‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس‏:‏ في المسلم يأخذ كلب المجوسي المعلم، أو بازه، أو صقره، مما علمه المجوسي، فيرسله فيأخذه‏.‏ قال‏:‏ لا يأكله وإن سميت؛ لأنه من تعليم المجوسي، وإنما قال ‏ { ‏تعلمونهن مما علمكم الله‏ }‏‏.‏
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ‏ { ‏وما علمتم من الجوارح‏ } ‏ قال‏:‏ كُلّ ما ‏ { ‏تعلمونهن مما علمكم الله‏ }‏ قال‏:‏ تعلمونهن من الطلب كما علمكم الله‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ إنما المعلم من الكلاب أن يمسك صيده فلا يأكل، كل منه حتى يأتيه صاحبه‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ إذا أكل الكلب فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه‏.
‏ وأخرج ابن جرير
‏ ‏‏ "عن عدي بن حاتم قال‏:‏ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي.‏ قال‏: ما أمسك عليك فكل"
‏‏‏.‏ وأخرج البخاري ومسلم "عن عدي بن حاتم قال ‏‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، إني أرسل الكلاب المعلمة واذكر اسم الله‏؟‏ فقال‏: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسكن عليك‏.‏ قلت‏:‏ وإن قتلن‏؟‏ قال‏:‏ وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها، فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسمِّ على غيره‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن أبي حاتم "عن عدي بن حاتم قال‏:‏ قلت ‏‏يا رسول الله، إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، فما يحل لنا منها‏؟‏ قال‏:‏ يحل لكم ‏{ ‏ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه‏ }‏ ثم قال‏:‏ ما أرسلت من كلب وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك‏. قلت‏:‏ وإن قتل‏؟‏ قال‏:‏ وإن قتل، مالم يأكل هو الذي أمسك‏.‏ قلت‏:‏ إنا قوم نرمي، فما يحل لنا‏؟‏ قال‏: ما ذكرت اسم الله وخزقت فكل"
‏‏.‏ وأخرج عبد بن حميد عن علي بن الحكم أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس فقال‏:‏ أرأيت إذا أرسلت كلبي وسميت فقتل الصيد، آكله‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال نافع‏:‏ يقول الله ‏ { ‏إلا ما ذكيتم‏ } ‏ تقول أنت‏:‏ وإن قتل‏!‏ قال‏:‏ ويحك يا ابن الأزرق‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ أرأيت لو أمسك على سنور فأدركت ذكاته، أكان يكون على يأس‏؟‏ والله إني لأعلم في أي كلاب نزلت‏:‏ في كلاب نبهان من طي، ويحك يا ابن الأزرق‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ ليكونن لك نبأ‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن مكحول قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
‏"‏ "ما أمسك عليك الذي ليس بمكلب فأدركت ذكاته فكل، وإن لم تدرك ذكاته فلا تأكل‏" .
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال‏:‏ إذا أكل الكلب فلا تأكل، وإذا أكل الصقر فكل؛ لأن الكلب تستطيع أن تضربه، والصقر لا تستطيع‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن عروة أنه سئل عن الغراب، أمن الطيبات هو‏؟‏ قال‏:‏ من أين يكون من الطيبات، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسقا‏ً؟‏‏!‏‏.‏