التفاسير

< >
عرض

وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ
١٩
وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ
٢٠
وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ
٢١
لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ
٢٢
وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ
٢٣
أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ
٢٤
مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ
٢٥
ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ
٢٦
قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ
٢٧
قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ
٢٨
مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
٢٩
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ
٣٠

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج ‏ { ‏وجاءت سكرة الموت‏ }‏ قال‏:‏ غمرة الموت‏.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول‏:‏
" لا إله إلا الله إن للموت سكرات" .
وأخرج الحاكم وصححه عن القاسم بن محمد رضي الله عنه أنه تلا ‏ { ‏وجاءت سكرة الموت بالحق‏ } ‏ فقال‏:‏ حدثتني أم المؤمنين رضي الله عنها قالت‏:‏ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول‏:‏ "‏اللهم أعني على سكرات الموت‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن سعد عن عروة رضي الله عنه قال‏: "لما مات الوليد بن الوليد بكته أم سلمة فقالت‏:"

يا عين فأبكي للوليد بن الوليد بن المغيرة
كان الوليد بن الوليد أبا الوليد فتى العشيرة

"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: ‏لا تقولي هكذا يا أم سلمة، ولكن قولي ‏{ ‏وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد‏ }‏"
‏‏.‏ وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن عائشة قالت‏:‏ لما حضرت أبا بكر الوفاة قلت‏:

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل

قال أبو بكر رضي الله عنه بل ‏{ ‏وجاءت سكرة الحق بالموت ذلك ما كنت منه تحيد‏ } ‏ قدم الحق وأخر الموت‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال‏:‏ صبحت ابن عباس من مكة إلى المدينة فكان إذا نزل منزلاً قام شطر الليل، فسئل‏:‏ كيف كانت قراءته‏؟‏ قال‏:‏ قرأ ‏ { ‏وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد‏ }‏ فجعل يرتل ويكثر في ذلك التسبيح‏.‏
وأخرج أحمد وابن جرير عن عبد الله بن اليمني مولى الزبير بن العوّام قال‏:‏ لما حضر أبو بكر تمثلت عائشة بهذا البيت‏.‏

أعاذل ما يغني الحذار عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر

فقال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ ليس كذلك يا بنية، ولكن قولي ‏ { ‏وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد‏ }‏‏ .
أما قوله تعالى‏:‏ ‏ { ‏ما كنت منه تحيد‏ }‏ ‏.‏
أخرج الطبراني عن سمرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب تطلبه الأرض بدين فجاء يسعى حتى إذا أعيا وانبهر دخل حجره فقالت له الأرض يا ثعلب ديني فخرج خصاص فلم يزل كذلك حتى انقطعت عنقه فمات‏"
‏‏.‏ أما قوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد‏ }‏ ‏.‏
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور وابن عساكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قرأ ‏{ ‏وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد‏ }‏ قال‏:‏ سائق يسوقها إلى أمر الله وشهيد يشهد عليها بما عملت‏.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله ‏{ ‏وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد‏ }‏ قال‏:‏ السائق الملك والشهيد العمل‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏سائق وشهيد‏ } ‏ قال‏:‏ السائق من الملائكة، والشهيد شاهد عليه من نفسه‏.‏
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏سائق وشهيد‏ }‏ قال‏:‏ السائق من الملائكة والشاهد من أنفسهم الأيدي والأرجل والملائكة أيضاً شهداء عليهم‏.‏
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏سائق وشهيد‏ } ‏ قال‏:‏ الملكان كاتب وشهيد‏.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
"‏إن ابن آدم لفي غفلة عما خلق له، إن الله إذا أراد خلقه قال للملك أكتب رزقه، أكتب أثره، أكتب أجله، أكتب شقياً أم سعيداً، ثم يرتفع ذلك الملك ويبعث الله ملكاً فيحفظه حتى يدرك، ثم يرتفع ذلك الملك، ثم يوكل الله به ملكين يكتبان حسناته وسيئاته، فإذا حضره الموت ارتفع الملكان، وجاء ملك الموت ليقبض روحه، فإذا أدخل قبره رد الروح في جسده وجاءه ملكا القبر فامتحناه، ثم يرتفعان، فإذا قامت الساعة انحط عليه ملك الحسنات وملك السيئات فبسطا كتاباً معقوداً في عنقه، ثم حضر معه واحد سائق وآخر شهيد، ثم قال، رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن قدامكم لأمراً عظيماً لا تقدرونه فاستعينوا بالله العظيم‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { ‏لقد كنت في غفلة من هذا‏ } ‏ قال‏:‏ هو الكافر‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏فكشفنا عنك غطاءك‏ } ‏ قال‏:‏ الحياة بعد الموت‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏ { ‏فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد‏ } ‏ قال‏:‏ عاين الآخرة فنظر إلى ما وعده الله فوجده كذلك‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله ‏{ ‏فبصرك اليوم‏ } ‏ قال‏:‏ إلى لسان الميزان حديد، قال‏:‏ حديد النظر شديد‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏ { و‏قال قرينه‏ }‏ قال‏:‏ الشيطان‏.‏
وأخرج الفريابي عن مجاهد في قوله ‏ { ‏وقال قرينه‏ } ‏ قال‏:‏ الشيطان الذي قيض له‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏ { ‏وقال قرينه‏ }‏ قال‏:‏ ملكه ‏ { ‏هذا ما لديّ عتيد‏ } ‏ قال‏:‏ الذي عندي عتيد للإِنسان حفظته حتى جئت به وفي قوله ‏ { ‏قال قرينه ربنا ما أطغيته‏ } ‏ قال‏:‏ هذا شيطانه‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم في قوله ‏{ ‏كل كفار عتيد‏ }‏ قال‏:‏ مناكب عن الحق‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏ { ‏ألقيا في جهنم كل كفار عنيد‏ }‏ قال‏:‏ كفار بنعم الله عنيد عن طاعة الله وحقه مناع للخير، قال‏:‏ الزكاة المفروضة ‏{ ‏معتد مريب‏ } ‏ قال‏:‏ معتد في قوله وكلامه آثم بربه، فقال هذا المنافق الذي جعل مع الله إلها آخر، هذا المشرك‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن منصور قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:
‏ ‏"‏ "ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا‏:‏ ولا أنت، قال‏:‏ ولا أنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{ ‏لا تختصموا لديّ‏ } ‏ قال‏:‏ إنهم اعتذروا بغير عذر فأبطل الله عليهم حجتهم ورد عليهم قولهم‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏قال لا تختصموا لديّ‏ }‏ قال‏:‏ عندي ‏{ ‏وقد قدمت إليكم بالوعيد‏ } ‏ قال‏:‏ على لسان الرسل أن من عصاني عذبته‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الربيع بن أنس قال‏:‏ قلت لأبي العالية قال الله‏:‏ ‏{ ‏لا تختصموا لديّ وقد قدمت إليكم بالوعيد‏ } ‏ وقال { ‏ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون‏ } ‏ فكيف هذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما قوله ‏{ ‏لا تختصموا لدي‏ّ }‏ فهؤلاء أهل الشرك، وقوله ‏ { ‏ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون‏ }‏ فهؤلاء أهل القبلة يختصمون في مظالمهم‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{ ‏ما يبدل القول لديّ‏ } ‏ قال‏:‏ قد قضيت ما أنا قاض‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{ ‏ما يبدل القول لدي‏ّ } قال‏:‏ ههنا القسم‏.‏
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن أنس قال‏:‏ فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسريَ به الصلاة خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمساً، ثم نودي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وإن لك بهذه الخمس خمسين‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{ ‏وما أنا بظلام للعبيد‏ } ‏ قال‏:‏ ما أنا بمعذب من لم يجترم والله تعالى أعلم‏.
أما قوله تعالى‏:‏ ‏ { ‏يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد‏ }‏ ‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{ ‏يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد‏ } ‏ قال‏:‏ وهل فيَّ من مكان يزاد فيَّ‏.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال‏:‏ حتى تقول فهل من مزيد‏؟‏‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال‏:‏ وعدها الله ليملأنها فقال أوفيتك فقالت‏:‏ وهل من مسلك‏؟‏‏.‏
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقاً آخر فيسكنهم في قصور الجنة‏"
‏‏.‏ وأخرج البخاري وابن مردويه عن أبي هريرة رفعه‏:‏ ‏"‏يقال لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد فيضع الرب قدمه عليها فتقول قط قط‏"‏‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم‏؟‏ قال الله تبارك وتعالى للجنة‏:‏ أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فلا تمتلىء حتى يضع رجله فتقول قط قط، فهنالك تمتلىء ويزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله ينشىء لها خلقا‏ً"
‏‏.‏ وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏افتخرت الجنة والنار فقالت النار‏:‏ يا رب يدخلني الجبابرة والمتكبرون والملوك والأشراف، وقالت الجنة‏:‏ أي رب يدخلني الضعفاء والفقراء المساكين، فيقول الله للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء، وقال للجنة‏:‏ أنت رحمتي وسعت كل شيء، ولكل واحدة منكما ملؤها فيلقى فيها أهلها، فتقول هل من مزيد، ويلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يأتيها عز وجل فيضع قدمه عليها فتزوي، وتقول قدني قدني، وأما الجنة فيلقى فيها ما شاء الله أن يلقى فينشىء لها خلقاً ما يشاء"
‏"‏‏.‏ وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أُبيّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ "‏يعرفني الله نفسه يوم القيامة فأسجد سجدة يرضى بها عني، ثم أمدحه مدحة يرضى بها عني‏.‏ ثم يؤذن لي في الكلام ثم تمر أمتي على الصراط مضروب بين ظهراني جهنم، فيمرون أسرع من الطرف والسهم، وأسرع من أجود الخيل، حتى يخرج الرجل منها يحبو وهي الأعمال، وجهنم تسأل المزيد حتى يضع فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط‏"
‏‏.‏ وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أُبيّ كعب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ "‏أول من يدعى يوم القيامة أنا فأقوم فألبي، ثم يؤذن لي في السجود فأسجد له سجدة يرضى بها عني، ثم يؤذن لي فأرفع رأسي فأدعو بدعاء يرضى به عني، فقلنا يا رسول الله كيف تعرف أمتك يوم القيامة‏؟‏ قال‏:‏ يعرفون غراً محجّلين من أثر الطهور فيردون علي الحوض ما بين عدن إلى عمان بصرى، أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج وأطيب ريحاً من المسك، فيه من الآنية عدد نجوم السماء، من ورده فشرب منه لم يظمأ بعده أبداً، ومن صرف عنه لم يرو بعده أبداً، ثم يعرض الناس على الصراط، فيمر أوائلهم كالبرق، ثم يمرون كالريح، ثم يمرون كالطرف، ثم يمرون كأجاويد الخيل والركاب، وعلى كل حال وهي الأعمال، والملائكة جانبي الصراط يقولون رب سلم سلم، فسالم ناج، ومخدوش ناج، ومرتبك في النار، وجهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العالمين ما شاء الله أن يضع فتقبض وتغرغر كما تغرغر المزادة الجديدة إذا ملئت وتقول قط قط‏"
‏‏.‏