التفاسير

< >
عرض

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ
٥٤
وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٥٥
وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ
٥٦
مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ
٥٧
إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ
٥٨
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ
٥٩
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ
٦٠
-الذاريات

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏فتول عنهم فما أنت بملوم‏ } ‏ قال‏:‏ أمره الله أن يتولى عنهم ليعذبهم وعذر محمداً صلى الله عليه وسلم ثم قال‏:‏ ‏{ ‏وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين‏ }‏ فنسختها‏.
وأخرج اسحق بن راهويه وأحمد بن منيع والهيثم بن كليب في أسانيدهم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان والضياء في المختارة من طريق مجاهد عن علي قال‏:‏ لما نزلت ‏ { ‏فتول عنهم فما أنت بملوم‏ } ‏ لم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة إذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتولي عنا، فنزلت ‏{ ‏وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين‏ }‏ فطابت أنفسنا‏.
وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن عليّ رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏فتول عنهم فما أنت بملوم‏ } ‏ قال‏:‏ ما نزلت علينا آية كانت أشد علينا منها ولا أعظم علينا منها، فقلنا‏:‏ ما هذا إلا من سخطة أو مقت، حتى نزلت ‏ { ‏وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين‏ } ‏ قال‏:‏ ذكر بالقرآن‏.‏
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏فتول عنهم فما أنت بملوم‏ } ‏ قال‏:‏ ذكر لنا أنها لما نزلت اشتد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأوا أن الوحي قد انقطع، وأن العذاب قد حضر، فأنزل الله بعد ذلك ‏ { ‏وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين‏ }‏ ‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { ‏فتول عنهم فما أنت بملوم‏ }‏ قال‏:‏ فأعرض عنهم، فقيل له‏:‏ ‏{ ‏وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين‏ } ‏ فوعظهم‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن سلمان بن حبيب المحاربي قال‏:‏ من وجد للذكرى في قلبه موقعاً فليعلم أنه مؤمن قال الله ‏ { ‏وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين‏ }‏ ‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{ ‏وما خلقت الجن والإِنس إلا ليعبدون‏ }‏ قال‏:‏ ليقروا بالعبودية طوعاً أو كرها‏ً.‏
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏ { ‏وما خلقت الجن والإِنس إلا ليعبدون‏ } ‏ قال‏:‏ على ما خلقتهم عليه من طاعتي ومعصيتي وشقوتي وسعادتي‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله ‏{ ‏وما خلقت الجن والإِنس إلا ليعبدون‏ }‏ قال‏:‏ ما جبلوا عليه من الشقاء والسعادة‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الجوزاء في الآية قال‏:‏ أنا أرزقهم وأنا أطعمهم، ما خلقتهم إلا ليعبدون‏.‏
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏قال الله‏:‏ ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإلاّ تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك‏"
‏‏.‏ وأخرج الطبراني في مسند الشاميين والحاكم في التاريخ والبيهقي في شعب الإِيمان والديلمي في مسند الفردوس عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "‏قال الله إني والجن والإِنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري"
‏"‏‏.‏ وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن الأنباري في المصاحف وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{ ‏إني أنا الرزاق ذو القوّة المتين‏ }‏ ‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{ ‏المتين‏ }‏ يقول‏:‏ الشديد‏.‏
قوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏فإن للذين ظلموا ذنوبا‏ً }‏ الآية‏.‏
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{ ‏ذنوبا‏ً }‏ قال‏:‏ دلواً‏.‏
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم‏ } ‏ قال‏:‏ سجلا من العذاب مثل عذاب أصحابهم‏.‏
وأخرج الخرائطي في مساوىء الأخلاق عن طلحة بن عمرو في قوله ‏ { ‏ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم‏ }‏ قال‏:‏ عذاباً مثل عذاب أصحابهم، والله تعالى أعلم‏.