التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ
٣٣
وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ
٣٤
أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ
٣٥
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ
٣٦
وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ
٣٧
-النجم

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في معزاة فجاء رجل فلم يجد ما يخرج عليه فلقي صديقاً له فقال‏:‏ أعطني شيئاً، قال‏:‏ أعطيك بكري هذا على أن تتحمل بذنوبي، فقال له‏:‏ نعم، فأنزل الله ‏ { ‏أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلاً وأكدى‏ }‏ ‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن دراج أبي السمح قال‏:‏
"خرجت سرية غازية فسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله، فقال‏:‏ لا أجد ما أحملك عليه فانصرف حزيناً فمر برجل رحاله منيخة بين يديه فشكا إليه، فقال له الرجل‏:‏ هل لك أن أحملك فتلحق الجيش‏؟‏ فقال‏:‏ نعم، فنزلت ‏{ ‏أفرأيت الذي تولى‏ } ‏ إلى قوله ‏{ ‏ثم يجزاه الجزاء الأوفى‏ }‏ ‏" .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ إن رجلاً أسلم فلقيه بعض من يعيره فقال‏:‏ أتركت دين الأشياخ وضللتهم، وزعمت أنهم في النار‏؟‏ قال‏:‏ إني خشيت عذاب الله قال‏:‏ أعطني شيئاً وأنا أحمل كل عذاب كان عليك فأعطاه شيئاً، فقال‏:‏ زدني فتعاسرا حتى أعطاه شيئاً وكتب له كتاباً وأشهد له، ففيه نزلت هذه الآية ‏ { ‏أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلاً وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى‏ }‏‏ .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏ { ‏أفرأيت الذي تولى‏ } ‏ قال‏:‏ الوليد بن المغيرة، كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فيسمع ما يقولان وذلك ‏{ ‏ما أعطى‏ } ‏ من نفسه أعطى الاستماع ‏{ ‏وأكدى‏ } ‏ قال‏:‏ انقطع عطاؤه نزل في ذلك ‏ { ‏أعنده علم الغيب‏ } ‏ قال‏:‏ الغيب القرآن أرأى فيه باطلاً أنفذه ببصره إذ كان يختلف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر‏.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏وأعطى قليلاً وأكدى‏ }‏ قال‏:‏ قطع نزلت في العاص بن وائل‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{ ‏وأعطى قليلاً وأكدى‏ }‏ قال‏:‏ أطاع قليلاً ثم انقطع‏.‏
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{ ‏أعطى قليلاً وأكدى‏ } ‏ قال‏:‏ أعطى قليلاً من ماله، ومنع الكثير ثم كدره بمنه قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم أما سمعت قول الشاعر‏:

أعطى قليلاً ثم أكدى بمنه ومن ينشر المعروف في الناس يحمد

قوله تعالى‏:‏ ‏ { ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏‏ .‏
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والشيرازي في الألقاب والديلمي بسند ضعيف عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:
‏ ‏"‏ "أتدرون ما قوله ‏{ ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏ قال‏: وفى عمل يومه بأربع ركعات كان يصليهن من أول النهار وزعم أنها صلاة الضحى"
‏"‏‏.‏ وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏ قال‏:‏ وفى الله بالبلاغ‏.‏
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{ ‏وإبراهيم الذي وفى‏ } ‏ قال‏:‏ وفى ما فرض عليه‏.‏
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ سهام الإِسلام ثلاثون سهماً لم يمسها أحد قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قال الله ‏ { ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏ ‏.
وأخرج ابن جرير عن قتادة ‏{ ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏ قال‏:‏ وفى طاعة الله وبلغ رسالة ربه إلى خلقه‏.‏
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعكرمة ‏ { ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏ قال‏:‏ بلغ هذه الآية ‏{ ‏أن لا تزر وازرة وزر أخرى‏ }‏ ‏.‏
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ‏ { ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏ قال‏:‏ بلغ ما أمر به‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏ { ‏وإبراهيم الذي وفى‏ } ‏ يقول‏:‏ الذي استكمل الطاعة فيما فعل بابنه حين رأى الرؤيا والذي في صحف موسى ‏{ ‏أن لا تزر وازرة وزر أخرى‏ }‏ إلى آخر الآية‏.
وأخرج ابن جرير عن القرظي ‏{ ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏ قال‏:‏ وفى بذبح ابنه‏.‏
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏وإبراهيم الذي وفى‏ } ‏ قال‏:‏ وفى سهام الإِسلام كلها ولم يوفها أحد غيره، وهي ثلاثون سهماً منها عشرة في براءة
‏{ { ‏إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم‏ } }‏ ‏[‏التوبة: 111‏]‏ الآيات كلها وعشرة في الأحزاب ‏{ ‏ { إن المسلمين والمسلمات } }‏ ‏[‏الأحزاب: 35‏]‏ الآيات كلها وستة في ‏{ { ‏قد أفلح المؤمنين } ‏ }‏ ‏[‏المؤمنون: 1‏]‏ من أولها الآيات كلها وأربع في ‏ { ‏سأل سائل‏ } }‏ ‏[‏المعارج: 1‏]‏ { ‏والذين يصدقون بيوم الدين } ‏ }‏ ‏[‏المعارج: 26‏]‏ ‏{ { ‏والذين هم من عذاب ربهم مشفقون } }‏ ‏[‏المعارج: 27‏]‏ الآيات كلها فذلك ثلاثون سهماً فمن وافى الله بسهم منها فقد وافاه بسهم من سهام الإِسلام ولم يوافه بسهام الإِسلام كلها إلا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قال الله ‏ { ‏وإبراهيم الذي وفى‏ }‏ ‏.