التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٨
لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢٩
-الحديد

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أحداً فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد، فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا يا رسول الله‏:‏ إنا أهل ميسرة فائذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله فيهم ‏{ ‏الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون‏ } ‏ إلى قوله‏:‏ ‏ { ‏أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا‏ } ‏ فجعل لهم أجرين، قال‏:‏ ‏{ ‏ويدرءون بالحسنة السيئة‏ }‏ قال‏:‏ أي النفقة التي واسوا بها المسلمين فلما نزلت هذه الآية قالوا‏:‏ يا معاشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فأنزل الله ‏{ ‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم‏ } ‏ فزادهم النور والمغفرة‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير مثله‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ لما نزلت ‏ { ‏أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا‏ } ‏ فخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ لنا أجران ولكم أجر، فاشتد ذلك على الصحابة فأنزل الله ‏ { ‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته‏ }‏ فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني أهل الكتاب وسوى بينهم في الأجر‏.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس ‏{ ‏يؤتكم كفلين من رحمته‏ } ‏ قال‏:‏ أجرين ‏{ ‏ويجعل لكم نوراً تمشون به‏ }‏ قال‏:‏ القرآن‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ‏ { ‏يؤتكم كفلين من رحمته‏ } ‏ قال‏:‏ ضعفين ‏{ ‏ويجعل لكم نوراً تمشون به‏ } ‏ قال‏:‏ هدى‏.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{ ‏كفلين‏ } ‏ قال‏:‏ أجرين‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ‏{ ‏كفلين‏ } ‏ قال‏:‏ حظين‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏كفلين‏ } ‏ قال‏:‏ ضعفين‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي موسى في قوله‏:‏ ‏{ ‏كفلين‏ } ‏ قال‏:‏ ضعفين، وهي بلسان الحبشة‏.‏
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر في قوله‏:‏ ‏{ ‏يؤتكم كفلين من رحمته‏ } ‏ قال‏:‏ الكفل ثلاثمائة جزء وخمسون جزءاً من رحمة الله‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة في قوله‏:‏ ‏ { ‏يؤتكم كفلين من رحمته‏ }‏ قال‏:‏ الكفل ثلاثمائة جزء من الرحمة‏.‏
وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير ‏ { ‏ويجعل لكم نوراً تمشون به‏ } ‏ قال‏:‏ القرآن‏.
وأخرج عبد بن حميد عن يزيد بن حازم قال‏:‏ سمعت عكرمة وعبد الله بن أبي سلمة رضي الله عنهما قرأ أحدهما ‏{ ‏لئلا يعلم أهل الكتاب‏ } ‏ وقرأ الآخر‏‏ "ليعلم أهل الكتاب‏"‏‏.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏ "إن الله قسم العمل وقسم الأجر، وفي لفظ: وقسم الأجل، فقيل لليهود‏:‏ اعملوا فعملوا إلى نصف النهار، فقيل‏:‏ لكم قيراط، وقيل للنصارى‏:‏ اعملوا فعملوا من نصف النهار إلى العصر، فقيل‏:‏ لكم قيراط، وقيل للمسلمين‏:‏ اعملوا فعملوا من العصر إلى غروب الشمس فقيل‏:‏ لكم قيراطان، فتكلمت اليهود والنصارى في ذلك، فقالت اليهود‏:‏ أنعمل إلى نصف النهار فيكون لنا قيراط‏؟‏ وقالت النصارى‏:‏ أنعمل من نصف النهار إلى العصر فيكون لنا قيراط‏؟‏ ويعمل هؤلاء من العصر إلىغروب الشمس فيكون لهم قيراطان‏؟‏ فأنزل الله ‏{ ‏لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل اللهْ‏ } ‏ إلى آخر الآية ثم قال‏:‏ إن مثلكم فيما قبلكم من الأمم كما بين العصر إلى غروب الشمس"
‏"‏‏.‏ وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزلت ‏ { ‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله‏ }‏ الآية حسدهم أهل الكتاب عليها فأنزل الله ‏ { ‏لئلا يعلم أهل الكتاب‏ } ‏ الآية‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ قالت اليهود‏:‏ يوشك أن يخرج منا نبي فيقطع الأيدي والأرجل، فلما خرج من العرب كفروا فأنزل الله ‏{ ‏لئلا يعلم أهل الكتاب‏ } ‏ الآية يعني بالفضل النبوة‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ‏‏ "كي لا يعلم أهل الكتاب،‏"‏ والله أعلم‏.‏