التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٣
-المجادلة

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏إذا ناجيتم الرسول‏ } ‏ الآية قال‏:‏ إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما قال ذلك‏:‏ امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا ‏ { ‏أأشفقتم‏ }‏ الآية فوسع الله عليهم ولم يضيق‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال‏:‏
" لما نزلت ‏ { ‏يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة‏ } ‏ الآية قال لي النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ما ترى ديناراً قلت‏:‏ لا يطيقونه، قال‏: فنصف دينار، قلت‏:‏ لا يطيقونه، قال‏: فكم قلت شعيرة‏؟‏ قال‏: إنك لزهيد، قال‏:‏ فنزلت ‏{ ‏أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات‏ }‏ قال‏:‏ فبي خفف الله عن هذه الأمة"
‏‏‏.‏ وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي قال‏:‏ ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى‏.
وأخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن عليّ قال‏:‏ إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى ‏ { ‏يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة‏ } ‏ كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم‏، فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي درهماً، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت ‏{ ‏أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات‏ } ‏ الآية‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ نهوا عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب، فإنه قد قدم ديناراً فتصدق به، ثم ناجى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن عشر خصال، ثم نزلت الرخصة‏.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال‏:‏ كان من ناجى النبي صلى الله عليه وسلم تصدق بدينار، وكان أول من صنع ذلك علي بن أبي طالب، ثم نزلت الرخصة ‏{ ‏فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم‏ }‏ ‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال‏:‏ إن الأغنياء كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته، ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره النبي صلى الله عليه وسلم طول جلوسهم ومناجاتهم، فأمر الله بالصدقة عند المناجاة، فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئاً، وكان ذلك عشر ليال، وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى، ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله ‏ { ‏أأشفقتم‏ } ‏ الآية‏.
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند فيه ضعف عن سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ نزلت ‏{ ‏يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة‏ }‏ فقدمت شعيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "إنك لزهيد‏" فنزلت الآية الأخرى ‏ { ‏أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات‏ }‏ ‏.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في المجادلة ‏ { ‏إذا ناجيتم الرسول فقدوا بين يدي نجواكم صدقة‏ }‏ قال‏:‏ نسختها الآية التي بعدها ‏ { ‏أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات‏ }‏ ‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل ‏ { ‏يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول‏ } ‏ الآية قال‏:‏ أول من عمل بها عليّ رضي الله عنه ثم نسخت، والله أعلم‏.‏