التفاسير

< >
عرض

وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
١١٢
وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ
١١٣
-الأنعام

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " "يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الجن والإِنس. قال: يا نبي الله وهل للإِنس شياطين؟ قال: نعم { شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً }؟" .
وأخرج أحمد وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم " تعوذ شياطين الانس والجن. قلت: يا رسول الله وللانس شياطين؟ قال: نعم"
. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن } قال: إن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإِنس يضلونهم، فيلتقي شيطان الإِنس وشيطان الجن فيقول هذا لهذا: أضلله بكذا وأضلله بكذا. فهو قوله { يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً } وقال ابن عباس: الجن هم الجان وليسوا بشياطين، والشياطين ولد إبليس وهم لا يموتون إلا مع إبليس، والجن يموتون فمنهمم المؤمن ومنهم الكافر.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال: الكهنة هم شياطين الإِنس .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { يوحي بعضهم إلى بعض } قال: شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإِنس، فإن الله تعالى يقول
{ وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } [الأنعام: 121].
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله { شياطين الإِنس والجن } قال: من الإِنس شياطين ومن الجن شياطين. { يوحي بعضهم إلى بعض } .
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله { زخرف القول غروراً } يقول: بوراً من القول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما { زخرف القول غروراً } يقول: بوراً من القول .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما { زخرف القول غروراً } قال: يحسن بعضهم لبعض القول ليتبعوهم في فتنتهمم .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو نصر السجزي في الابانة وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال: شياطين الجن يوحون إلى شياطين الانس كفار الإِنس { زخرف القول غروراً } قال: تزيين الباطل بالألسنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { زخرف القول } قال: زخرفوه وزينوه { غروراً } قال: يغرون به الناس والجن .
وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد في الآية قال: الزخرف المزين حيث زين لهم هذا الغرور كما زين إبليس لآدم ما جاء به، وقاسمه إنه لمن الناصحين .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { ولتصغى } لتميل .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس { ولتصغى إليه أفئدة } قال:تزيغ { وليقترفوا } قال: ليكتسبوا .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة } قال: لتميل إليه قلوب الكفار { وليرضوه } قال: يحبوه { وليقرفوا ما هم مقترفون } يقول: ليعملوا ما هم عاملون .
وأخرج الطستي وابن الأنباري عن ابن عباس أن نافر بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى { زخرف القول غروراً } قال: باطل القول غروراً قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت أوس بن حجر وهو يقول:

لم يغروكم غروراً ولكن يرفع الال جمعكم والدهاء

وقال زهير بن أبي سلمى :

فلا يغرنك دنيا ان سمعت بها عند امرىء سروه في الناس مغرور

قال: فأخبرني عن قوله { ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون } ما تصغي؟ قال: ولتميل إليه. قال فيه الفطامي:

وإذا سمعن هما هما رفقـة ومن النجوم غوابر لم تخفق
أصغت إليه هجائن بخدودها آذانهن إلى الحداة الســوّق

قال: أخبرني عن قوله { وليقترفوا ما هم مقترفون } قال: ليكتسبوا ما هم مكتسبون فإنهم يوم القيامة يجازون بأعمالهم. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:

وإني لآتي ما أتيت وإنني لما اقترفت نفسي عليّ لراهب