التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ
٨٢
-الأنعام

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في الافراد وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال: "لما نزلت هذه الآية { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } شق ذلك على الناس فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ قال إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح { إن الشرك لظلم عظيم } [لقمان: 13] إنما هو الشرك" .
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي بكر الصديق. أنه سئل عن هذه الآية { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال: ما تقولون؟ قالوا: لم يظلموا. قال: حملتم الأمر على أشده، بظلم: بشرك، ألم تسمع إلى قول الله { إن الشرك لظلم عظيم }؟ .
وأخرج أبو الشيخ عن عمر بن الخطاب { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال: بشرك.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن حذيفة { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال: بشرك .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن سلمان الفارسي. أنه سئل عن هذه الآية { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال: إنما عنى به الشرك، ألم تسمع الله يقول { إن الشرك لظلم عظيم }؟ .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ من طرق عن أبي بن كعب في قوله { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال: ذاك الشرك .
وأخرج ابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس. أن عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف يقرأه، فدخل ذات يوم فقرأ سورة الأنعام، فأتى على هذه الآية { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } إلى آخر الآية، فانتقل وأخذ رداءه ثم أتى أبي بن كعب، فقال: يا أبا المنذر أتيت على هذه الآيه { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } وقد نرى أنا نظلم ونفعل ونفعل؟ فقال: يا أمير المؤمنين ان هذا ليس بذاك. يقول الله
{ إن الشرك لظلم عظيم } [لقمان: 13] إنما ذلك الشرك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال: بشرك .
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن مجاهد { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال: بعبادة الأوثان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } يقول: لم يخلصوا إيمانهم بشرك .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال: نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه خاصة، ليس في هذه الأمة .
وأخرج أحمد والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن جرير بن عبد الله قال:
"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما برزنا من المدينة إذا راكب يوضع نحونا، فانتهى إلينا فسلم، فقال له النبي صلى الله وعليه وسلم من أين أقبلت؟ فقال: من أهلي وولدي وعشيرتي أريد رسول الله. قال: أصبته. قال: علمني ما الإِيمان؟ قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. قال: قد أقررت. ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جردان فهوى ووقع الرجل على هامته فمات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا من الذين عملوا قليلاً وأجروا كثيراً، هذا من الذين قال الله { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } إني رأيت حور العين يدخلن في فيه من ثمار الجنة، فعلمت أن الرجل مات جائعا" .
وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ساره، إذ عرض له أعرابي فقال: والذي بعثك بالحق لقد خرجت من بلادي وتلادي لأهتدي بهداك وآخذ من قولك فاعرض علي، فأعرض عليه الإِسلام فقبل، فازدحمنا حوله فدخل خف بكره في ثقب جردان، فتردى الأعرابي فانكسرت عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسمعتم بالذي عمل قليلاً وأجر كثيراً هذا منهم؟ أسمعتم بالذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم هذا منهم؟ " .
وأخرج أبن أبي حاتم عن بكر بن سوادة قال: حمل رجل من العدوّ على المسلمين فقتل رجلاً، ثم حمل فقتل آخر، ثم حمل فقتل آخر، ثم قال: أينفعني الإِسلام بعد هذا؟ قالوا: ما ندري، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم. فضرب فرسه فدخل فيهم، ثم حمل على أصحابه فقتل رجلاً، ثم آخر، ثم قتل. قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيه { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي
" "أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فسكت حتى جاء رجل فأسلم، فلم يلبث إلا قليلاً حتى قاتل فاستشهد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا منهم من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمم"
. وأخرج البغوي في معجمه وابن حاتم وابن قانع والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سخبرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " "من ابتلي فصبر، وأعطي فشكر، وظلم فغفر، وظلم فاستغفر، ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله ما له؟ قال { أولئك لهم الأمن وهم مهتدون }" .