التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٥
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٦
إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ
١٧
عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١٨
-التغابن

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏ { ‏إنما أموالكم وأولادكم فتنة‏ } ‏ قال‏:‏ بلاء ‏{ ‏والله عنده أجر عظيم‏ }‏ قال‏:‏ الجنة.
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ لا يقولن أحدكم‏:‏ اللهم إني أعوذ بك من الفتنة، فإنه ليس أحد منكم إلا وهو مشتمل على فتنة، فإن الله يقول‏:‏ ‏{ ‏إنما أموالكم وأولادكم فتنة‏ }‏ ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلاتها‏.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الضحى قال‏:‏ قال رجل، وهو عند عمر‏:‏ اللهم إني أعوذ بك من الفتنة أو الفتن، فقال عمر‏:‏ أتحب أن لا يرزقك الله مالاً ولا ولداً، أيكم استعاذ من الفتن فليستعذ من مضلاتها‏.‏
وأخرج ابن مردويه عن كعب بن عياض رضي الله عنه‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
"‏إن لكل أمة فتنة، وإن فتنة أمتي المال
‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال‏"‏‏.‏
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏
"‏ "لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال"
‏"‏‏.‏ وأخرج وكيع في الغرر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال‏:‏ قال ابن عمر لرجل‏:‏ إنك تحب الفتنة‏.‏ قال‏:‏ أنا‏؟‏ قال‏:‏ نعم فلما رأى ابن عمر ما داخل الرجل من ذاك، قال‏:‏ تحب المال والولد‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال‏:
‏ ‏‏ "‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما واحداً من ذا الشق، وواحداً من ذا الشق، ثم صعد المنبر فقال‏: صدق الله، قال‏:‏ ‏{ ‏إنما أموالكم وأولادكم فتنة‏ }‏ إني لما نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ويعثران لم أصبر أن قطعت كلامي ونزلت إليهما"
‏‏‏.‏ وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب الناس على المنبر خرج الحسين بن علي رضي الله عنه فوطىء في ثوب كان عليه فسقط، فبكى، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر، فلما رأى الناس أسرعوا إلى الحسين رضي الله عنه يتعاطونه، يعطيه بعضهم بعضاً حتى وقع في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏: قاتل الله الشيطان، إن الولد لفتنة، والذي نفسي بيده ما دريت أني نزلت عن منبري‏"
‏‏.‏ وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال‏:‏‏ ‏ " سمع النبي صلى الله عليه وسلم بكاء حسن أو حسين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏: ‏الولد فتنة، لقد قمت إليه وما أعقل‏" ‏ والله تعالى أعلم‏.
قوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏فاتقوا الله ما استطعتم‏ }‏ ‏.‏
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزلت
‏{ { ‏اتقوا الله حق تقاته‏ } [آل عمران: 102‏]‏ اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم، فأنزل الله تحفيفاً على المسلمين ‏ { ‏فاتقوا الله ما استطعتم‏ } ‏ فنسخت الآية الأولى‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس ‏ { ‏فاتقوا الله ما استطعتم‏ } ‏ قال‏:‏ جهدكم‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ‏ { ‏فاتقوا الله ما استطعتم‏ }‏ قال‏:‏ هي رخصة من الله، كان الله قد أنزل في سورة آل عمران
‏{ { ‏اتقوا الله حق تقاته‏ } [آل عمران: 102‏]‏ وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ثم خفف عن عباده، فأنزل الرخصة ‏ { ‏فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا‏ }‏ قال‏:‏ السمع والطاعة فيما استطعت يا ابن آدم عليها، بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على السمع والطاعة فيما استطاعوا‏.‏
وأخرج ابن سعد وأحمد وأبو داود عن الحكم بن حزن الكلفي قال‏:‏ وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبثنا أياماً شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام متوكئاً على قوس، فحمد الله، وأثنى عليه كلمات طيبات خفيفات مباركات، ثم قال‏:‏
"‏أيها الناس إنكم لن تطيقوا كل ما أمرتم به فسددوا وابشروا"
‏‏.‏ وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه ‏ { ‏ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون‏ } ‏ قال‏:‏ في النفقة‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن حبيب بن شهاب العنبري أنه سمع أخاه يقول‏:‏ لقيت ابن عمر يوم عرفة، فأردت أن أقتدي من سيرته، وأسمع من قوله، فسمعته أكثر ما يقول‏:‏ اللهم إني أعوذ بك من الشح الفاحش، حتى أفاض، ثم بات بجمع، فسمعته أيضاً يقول ذلك، فلما أردت أن أفارقه قلت يا عبدالله‏:‏ إني أردت أن أقتدي بسيرتك فسمعتك أكثر ما تقول أن تعوذ من الشح الفاحش قال‏:‏ وما أبغي أفضل من أن أكون من المفلحين‏؟‏ قال الله‏:‏ ‏ { ‏ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون‏ }‏ ‏.‏
قوله تعالى‏:‏ ‏ { ‏إن تقرضوا الله‏ } ‏ الآية‏.‏
أخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
"‏يقول الله استقرضت عبدي فأبى أن يقرضني، وشتمني عبدي، وهو لا يدري، يقول وادهراه وادهراه، وأنا الدهر" ‏"‏ ثم تلا أبو هريرة ‏{ ‏إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم‏ }‏‏ .‏
وأخرج عبد بن حميد عن أبي حيان عن أبيه عن شيخ لهم أنه كان يقول إذا سمع السائل يقول‏:‏ من يقرض الله قرضاً حسناً، قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذا القرض الحسن‏.‏