التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ
١٨٩
فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
١٩٠
أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ
١٩١
وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلآ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ
١٩٢
وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَٰمِتُونَ
١٩٣
-الأعراف

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏: "لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال‏:‏ سميه عبد الحارث فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش، فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره‏" .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن سمرة بن جندب في قوله ‏ { ‏فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء‏ }‏ قال‏:‏ سمياه عبد الحارث‏.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أُبي بن كعب قال‏:‏ لما حملت حواء وكان لا يعيش لها ولد آتاها الشيطان، فقال‏:‏ سمياه عبد الحارث يعيش لكما، فسمياه عبد الحارث فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أُبي بن كعب قال‏:‏ لما حملت حواء أتاها الشيطان، فقال‏:‏ أتطيعيني ويسلم لك ولدك‏؟‏ سميه عبد الحارث فلم تفعل، فولدت فمات، ثم حملت فقال لها مثل ذلك‏:‏ فلم تفعل، ثم حملت الثالث فجاءها فقال لها‏:‏ إن تطيعيني سلم لك، وإلا فإنه يكون بهيمة، فهيبها، فأطاعته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال‏:‏ ولد لآدم ولد فسماه عبد الله، فأتاهما إبليس فقال‏:‏ ما سميتما ابنكما هذا‏؟‏ قال‏:‏ عبد الله، وكان ولد لهما قبل ذلك ولد فسمياه عبد الله‏.‏ فقال إبليس‏:‏ أتظنان أن الله تارك عبده عندكما‏؟‏ ووالله ليذهبن به كما ذهب بالآخر ولكن أدلكما على اسم يبقى لكما ما بقيتما فسمياه عبد شمس فسمياه، فذلك قوله تعالى ‏ { ‏أيشركون ما لا يخلق شيئا‏ً }‏ الشمس لا تخلق شيئاً إنما هي مخلوقة‏.‏ قال‏:‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
‏"‏ "خدعها مرتين‏" ‏‏.‏ قال زيد‏:‏ خدعهما في الجنة، وخدعهما في الأرض‏.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال‏:‏ لما أهبط الله آدم وحواء ألقى في نفسه الشهوة لامرأته، فتحرك ذلك منه فأصابها، فليس إلا أن أصابها حملت، فليس إلا أن حملت تحرك ولدها في بطنها، فقالت‏:‏ ما هذا‏؟‏ فجاءها إبليس فقال لها‏:‏ إنك حملت فتلدين‏.‏ قالت‏:‏ ما ألد‏؟‏ قال‏:‏ ما هل ترين إلا ناقة أو بقرة أو ماعزة أو ضانية هو بعض ذلك، ويخرج من أنفك أو من عينك أو من اذنك‏.‏ قالت‏:‏ والله ما مني من شيء إلا وهو يضيق عن ذلك‏!‏ قال‏:‏ فاطيعيني وسميه عبد الحارث - وكان اسمه في الملائكة الحارث - تلدي مثلك، فذكرت ذلك لآدم فقال‏:‏ هو صاحبنا الذي قد علمت‏.‏ فمات ثم حملت بآخر، فجاءها فقال‏:‏ أطيعيني أو قتلته فإني أنا قتلت الأول، فذكرت ذلك لآدم فقال مثل قوله الأوّل، ثم حملت بالثالث فجاءها فقال لها مثل ما قال، فذكرت ذلك لآدم فكأنه لم يكره ذلك، فسمته عبد الحارث فذلك قوله ‏ { ‏جعلا له شركاء فيما آتاهما‏ }‏‏ .
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ حملت حواء، فأتاها إبليس فقال‏:‏ إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة، لتطيعيني أو لأجعلن له قربى أيل فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن - فخوّفهما - سمياه عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتاً، ثم حملت فأتاهما أيضاً فقال مثل ذلك، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتاً، ثم حملت فأتاهما فذكر لهما فادركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث، فذلك قوله ‏ { ‏جعلا له شركاء فيما آتاهما‏ } ‏‏.
وأخرج عبد بن حميد عن السدي قال‏:‏ إن أول اسم سمياه عبد الرحمن فمات، ثم سمياه صالحاً فمات، يعني آدم وحواء‏.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ كانت حواء تلد لآدم أولاداً‏.‏ فتعبدهم لله، وتسميه عبد الله وعبيد الله ونحو ذلك فيصيبهم الموت، فأتاها إبليس وآدم فقال‏:‏ إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه لعاش، فولدت له رجلاً فسماه عبد الحارث، ففيه أنزل الله ‏ { هو الذي خلقكم من نفس واحدة‏ }‏ إلى آخر الآية‏.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال‏:‏ كان هذا في بعض أهل الملل وليس بآدم‏.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأها ‏{ ‏حملت حملاً خفيفاً فمرت به‏ } .
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن سمرة في قوله ‏ { ‏حملت حملاً خفيفا‏ً } .
قال‏:‏ خفيفاً لم يستبن، فمرت به لما استبان حملها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏فمرت به‏ } ‏ قال‏:‏ فشكت أحملت أم لا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أيوب قال‏:‏ سئل الحسن عن قوله ‏ { ‏حملت حملاً خفيفاً فمرت به‏ } ‏ قال‏:‏ فشكت أحملت أم لا‏.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أيوب قال‏:‏ سئل الحسن عن قوله ‏ { ‏حملت حملاً خفيفاً فمرت به‏ }‏ قال‏:‏ لو كنت عربياً لعرفتها، إنما هي استمرت بالحمل‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏ { ‏حملت حملاً خفيفا‏ً } ‏ قال‏:‏ هي من النطفة ‏ { ‏فمرت به‏ } ‏ يقول‏:‏ استمرت‏.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏فمرت به‏ } ‏ قال‏:‏ فاستمرت به.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ‏ { ‏فمرت به‏ }‏ قال‏:‏ فاستمرت بحمله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ‏ { ‏فمرت به‏ }‏ قال‏:‏ فاستمرت بحمله‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران في قوله ‏ { ‏فمرت به‏ } ‏ قال‏:‏ استخفته.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي ‏{ ‏فلما أثقلت‏ } ‏ قال‏:‏ كبر الولد في بطنها‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في قوله ‏ { ‏لئن آتيتنا‏ }‏ قال‏:‏ أشفقا أن يكون بهيمة، فقالا‏:‏ لئن آتيتنا بشراً سويا‏ً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ أشفقا أن لا يكون إنساناً‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ‏ { ‏لئن آتيتنا صالحا‏ً } ‏ قال‏:‏ غلاماً سويا‏ً.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏فجعلا له شركاء‏ } ‏ قال‏:‏ كان شركا في طاعة، ولم يكن شركا في عباده‏.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ‏ { ‏فجعلا له شركا‏ً }‏ بكسر الشين‏.
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان ‏ { ‏جعلا له شركاء‏ } ‏ قال‏:‏ أشركاه في الاسم قال‏:‏ وكنية إبليس أبو كدوس‏.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن السدي قال‏:‏ هذا من الموصل والمفصول قوله ‏{ ‏جعلا له شركاء فيما آتاهما } ‏ في شأن آدم وحوّاء، يعني في الأسماء ‏ { ‏فتعالى الله عما يشركون‏ }‏ يقول‏:‏ عما يشرك المشركون ولم يعيِّنهما‏.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ ما أشرك آدم أن أولها شكر وآخرها مثل ضربه لمن بعده‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏ { ‏فتعالى الله عما يشركون‏ }‏ هذه فصل بين آية آدم خاصة في آلهة العرب‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال‏:‏ هذه مفصولة اطاعاه في الولد ‏ { ‏فتعالى الله عما يشركون‏ } ‏ هذه لقوم محمد‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏ { ‏جعلا له شركاء‏ } ‏ قال‏:‏ كان شركاً في طاعته ولم يكن شركاً في عبادته، وقال‏:‏ كان الحسن يقول‏:‏ هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولاداً فهوّدوا ونصروا‏.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ‏ { فتعالى الله عما يشركون‏ } ‏ قال‏:‏ يعني بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده‏.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله ‏ { ‏فتعالى الله عما يشركون‏ } ‏ قال‏:‏ هو الانكاف أنكف نفسه يقول‏:‏ عظم نفسه، وانكفته الملائكة وما سبح له‏.
وأخرج ابن حميد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال‏:‏ هذا في الكفار، يدعون الله فإذا آتاهما صالحاً هوّدا ونصرا، ثم قال ‏ { ‏أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون‏ }‏ يقول‏:‏ يطيعون ما لا يخلق شيئاً وهي الشياطين لا تخلق شيئاً وهي تخلق ‏ { ‏ولا يستطيعون لهم نصرا‏ً } ‏ يقول‏:‏ لمن يدعوهم‏.