التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً
١٩
قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُواْ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً
٢٠
قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً
٢١
قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً
٢٢
إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً
٢٣
حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً
٢٤
قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً
٢٥
عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً
٢٦
إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً
٢٧
لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً
٢٨
-الجن

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال‏:‏ "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة إلى نواحي مكة فخط لي خطاً وقال‏: لا تحدثن شيئاً حتى آتيك، ثم قال‏: لا يهولنك شيء تراه‏. فتقدم شيئاً ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم رجال الزطّ، وكانوا كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{ ‏كادوا يكونون عليه لبدا‏ً }‏ ‏" .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏‏وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا‏ً } ‏ قال‏:‏ لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتلوا القرآن كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل يقرئه ‏ { ‏قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن‏ }‏ ‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن الزبير بن العوام مثله‏.‏
وأخرج عبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن جرير وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا‏ً }‏ قال‏:‏ لما أتى الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فعجبوا من طواعية أصحابه له، فقالوا لقومهم‏:‏ ‏ { ‏لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً‏ }‏ ‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏وأنه لما قام عبد الله يدعوه‏ } ‏ أي يدعو إليه‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا‏ً }‏ قال‏:‏ لما قام نبي الله صلى الله عليه وسلم تلبدت الإِنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله إلا أن ينصره ويظهره على من ناوأه‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن ‏ { ‏وأنه لما قام عبد الله يدعوه‏ } ‏ قال‏:‏ لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ لا إله إلا الله، ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تلبد عليه جميعا‏ً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏كادوا يكونون عليه لبدا‏ً } ‏ قال‏:‏ أعوانا‏ً.‏
وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي بكر عن أبي عاصم أنه قرأ ‏ { ‏يكونون عليه لبداً‏ } ‏ بكسر اللام ونصب الباء وفي { ‏لا أقسم بهذا البلد } { ‏مالاً لبداً } [البلد:6] برفع اللام ونصب الباء، وفسرها أبو بكر فقال‏:‏ ‏(‏لبداً‏)‏ كثيراً و ‏(‏لبدا‏ً)‏ بعضها على بعض‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ‏ { ‏قل إنما أدعو ربي‏ }‏ بغير ألف‏.‏
وأخرج ابن جرير عن حضرمي‏.‏ قال‏:‏ ذكر لنا أن جنياً من الجن من أشرافهم ذا تبع قال‏:‏ إنما يريد محمد أن نجيره وأنا أجيره فأنزل الله ‏ { ‏قل إني لن يجيرني من الله أحد‏ }‏ الآية‏.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال‏:‏ انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط علي خطاً ثم تقدم إليهم فازدحموا عليه فقال سيدهم، يقال له وردان‏:‏ الا أرجلهم عنك يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏ { ‏إني لن يجيرني من الله أحد‏ }‏‏ .
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{ ‏ولن أجد من دونه ملتحداً‏ }‏ قال‏:‏ ملجأ‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏ولن أجد من دونه ملتحدا‏ً } ‏ قال‏:‏ ملجأ ولا نصيراً إلا بلاغاً من الله ورسالاته‏.‏ قال‏:‏ هذا الذي يملك بلاغاً من الله ورسالاته، وفي قوله‏:‏ ‏ { ‏عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول‏ } ‏ قال‏:‏ فإنه إذا ارتضى الرسول اصطفاه، وأطلعه على ما شاء من غيبه وانتخبه‏.‏
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول‏ } ‏ قال‏:‏ أعلم الله الرسل من الغيب الوحي وأظهرهم عليه فيما أوحي إليهم من غيبه وما يحكم الله فإنه لا يعلم ذلك غيره‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً‏ } ‏ قال‏:‏ هي معقبات من الملائكة يحفظونه من الشيطان حتى يبين الذي أرسل إليهم به، وذلك حين يقول أهل الشرك قد أبلغوا رسالات ربهم‏.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏{ ‏إلا من ارتضى من رسول‏ }‏ قال‏:‏ جبريل‏.‏
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ ما أنزل الله على نبيه آية من القرآن إلا ومعها أربعة من الأملاك يحفظونها حتى يؤدوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ ‏{ ‏عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا‏ً }‏ يعني الملائكة الأربعة ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم‏.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏إلا من ارتضى من رسول‏ } ‏ قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يلقى الشيطان في أمنيته يدنون منه فلما ألقى الشيطان في أمنيته أمرهم أن يتنحوا عنه قليلاً ليعلم أن الوحي إذا نزل من عند الله‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏{ ‏فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا‏ً }‏ قال‏:‏ أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل ليعلم محمد ‏{ ‏أن قد أبلغوا رسالات ربهم‏ } ‏ قال‏:‏ وما جاء جبريل إلا ومعه أربعة من الملائكة حفظة‏.
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله‏:‏ ‏{ ‏فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا‏ً } ‏ قال‏:‏ الملائكة يحفظونه من الجن‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك بن مزاحم في قوله‏:‏ ‏{ ‏إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً‏ }‏ قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث إليه الملك بالوحي بعث معه نفراً من الملائكة يحرسونه من بين يديه ومن خلفه أن يتشبه الشيطان على صورة الملك‏.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏إلا من ارتضى من رسول‏ } ‏ قال‏:‏ يظهره من الغيب على ما شاء إذا ارتضاه وفي قوله‏:‏ ‏ { ‏فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا‏ً } ‏ قال‏:‏ من الملائكة وفي قوله‏:‏ ‏{ ‏ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم‏ } ‏ قال‏:‏ ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله وأن الله حفظها ودفع عنها‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{ ‏ليعلم‏ } ‏ قال‏:‏ ليعلم ذلك من كذب الرسل ‏ { ‏أن قد أبلغوا رسالات ربهم‏ }‏‏ .‏