التفاسير

< >
عرض

لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ
١
وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ
٢
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ
٣
بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ
٤
بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ
٥
يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ
٦
فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ
٧
وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ
٨
وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ
٩
يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ
١٠
كَلاَّ لاَ وَزَرَ
١١
إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ
١٢
يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ
١٣
-القيامة

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة القيامة وفي لفظ‏:‏ نزلت ‏ { ‏لا أقسم بيوم القيامة‏ }‏ بمكة‏.
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن الزبير قال‏:‏ نزلت سورة ‏ { ‏لا أقسم‏ } ‏ بمكة‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال‏:‏ حدثنا أن عمر بن الخطاب قال‏:‏ من سأل عن يوم القيامة فليقرأ هذه السورة والله أعلم‏.‏
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏{ ‏لا أقسم بيوم القيامة‏ } ‏ يقول‏:‏ أقسم‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال‏:‏ سألت ابن عباس عن قوله‏:‏ ‏ { ‏لا أقسم بيوم القيامة‏ } ‏ قال‏:‏ يقسم ربك بما شاء من خلقه قلت‏:‏ ‏ { ‏ولا أقسم بالنفس اللوّامة‏ } ‏ قال‏:‏ من النفس الملومة‏.‏ قلت‏:‏ ‏ { ‏أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوّي بنانه‏ }‏ قال‏:‏ لو شاء لجعله خفاً أو حافرا‏ً.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏ { ‏لا أقسم بيوم القيامة‏ } ‏ قال‏:‏ يقسم الله بما شاء من خلقه ‏ { ‏ولا أقسم بالنفس اللوّامة‏ }‏ الفاجرة قال‏:‏ يقسم بها‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏بالنفس اللوّامة‏ } ‏ قال‏:‏ المذمومة‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس ‏ { ‏بالنفس اللوامة‏ } ‏ قال‏:‏ التي تلوم على الخير والشر تقول لو فعلت كذا وكذا‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ‏ { ‏بالنفس اللوامة‏ }‏ قال‏:‏ تندم على ما فات وتلوم عليه‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ‏ { ‏بالنفس اللوامة‏ } ‏ قال‏:‏ تندم على ما فات وتلوم عليه‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس عن الحسن ‏{ ‏ولا أقسم بالنفس اللوامة‏ }‏ قال‏:‏ إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه ما أردت بكلمتي ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديثي نفسي، ولا أراه إلا يعاتبها، وإن الفاجر يمضي قدماً لا يعاتب نفسه‏.‏
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس ‏{ ‏بلى قادرين على أن نسوي بنانه‏ } ‏ قال‏:‏ نجعلها كفاً ليس فيه أصابع‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{ ‏بلى قادرين على أن نسوي بنانه‏ } ‏ قال‏:‏ لو شاء لجعله كخف البعير أو كحافر الحمار، ولكن جعله الله خلقاً سوياً حسناً جميلاً تقبض به وتبسط به يا ابن آدم‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ‏ { ‏على أن نسوي بنانه‏ } ‏ قال‏:‏ يجعل رجليه كخف البعير فلا يعمل بها شيئا‏ً.‏
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ‏ { ‏على أن نسوي بنانه‏ }‏ قال‏:‏ إن شاء رده مثل خف البعير حتى لا ينتفع‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك ‏{ ‏على أن نسوي بنانه‏ } ‏ قال‏:‏ يجعل رجليه كخف البعير فلا يعمل بهما شيئا‏ً.‏
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ‏{ ‏على أن نسوي بنانه‏ }‏ قال‏:‏ إن شاء رده مثل خف الجمل حتى لا ينتفع به‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك ‏ { ‏على أن نسوي بنانه‏ } ‏ قال‏:‏ على أن نجعل يديه ورجليه مثل خف البعير‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ‏{ ‏بلى قادرين على أن نسوي بنانه‏ }‏ فقال‏:‏ إن الله أعف مطعم ابن آدم ولم يجعله خفاً ولا حافراً فهو يأكل بيديه فيتقي بها وسائر الدواب إنما يتقي الأرض بفمه‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏ { ‏بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه‏ } ‏ قال‏:‏ يمضي قدما‏ً.‏
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{ ‏بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه‏ } ‏ قال‏:‏ هو الكافر يكذب بالحساب‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ { ‏بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه‏ } ‏ يعني الأمل يقول‏:‏ أعمل ثم أتوب‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الأمل والبيهقي في شعب الإِيمان عن عباس رضي الله عنهما ‏ { ‏بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه‏ } ‏ قال‏:‏ يقدم الذنب ويؤخر التوبة‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ‏ { ‏بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه‏ } ‏ قال‏:‏ يمضي أمامه راكباً‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن ‏ { ‏بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه‏ } ‏ قال‏:‏ يمشي قدماً في معاصي الله‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ‏{ ‏بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه‏ }‏ قال‏:‏ لا تلقى ابن آدم إلا تنزع نفسه إلى معصية الله قدماً قدماً إلا من عصم الله وفي قوله‏:‏ ‏ { ‏يسأل أيان يوم القيامة‏ }‏ يقول‏:‏ متى يوم القيامة‏.‏
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه‏ } ‏ قال‏:‏ يقول سوف أتوب ‏ { ‏يسأل أيان يوم القيامة‏ } ‏ قال‏:‏ يقول متى يوم القيامة‏.‏ قال‏:‏ فبين له ‏{ ‏فإذا برق البصر‏ } ‏.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏فإذا برق البصر‏ }‏ يعني الموت‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه ‏ { ‏فإذا برق البصر‏ }‏ يعني الموت‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة { ‏فإذا برق البصر‏ }‏ قال‏:‏ شخص البصر ‏{ ‏وخسف القمر‏ } ‏ يقول‏:‏ ذهب ضوءه‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{ ‏فإذا برق البصر‏ } ‏ قال‏:‏ عند الموت ‏ { ‏وخسف القمر وجمع الشمس والقمر‏ } ‏ قال‏:‏ كورا يوم القيامة‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏{ ‏وجمع الشمس والقمر‏ } ‏ قال‏:‏ كورا يوم القيامة‏.‏ وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطاء بن يسار في قوله‏:‏ ‏ { ‏وجمع الشمس والقمر‏ } ‏ قال‏:‏ يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى‏.‏
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر عن عبدالله بن خالد قال‏:‏ قرأها ابن عباس ‏{ ‏أين المفر‏ }‏ بنصب الميم وكسر الفاء‏.‏ قال‏:‏ وقرأها يحيى بن وثاب ‏{ ‏أين المفر‏ }‏ بنصب الميم والفاء‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏لا وزر‏ }‏ قال‏:‏ لا حصن ولا ملجأ، وفي لفظ لا حرز، وفي لفظ لا جبل‏.‏
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله‏:‏ ‏ { ‏لا وزر‏ }‏ قال‏:‏ الوزر الملجأ‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت عمرو بن كلثوم وهو يقول‏:‏

لعمرك ما إن له صخرة لعمرك ما إن له من وزر

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الأهوال وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله‏:‏ ‏{ ‏لا وزر‏ }‏ قال‏:‏ لا حصن‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وعطية وأبي قلابة مثله‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله‏:‏ ‏ { ‏كلا لا وزر‏ } ‏ قال‏:‏ كانت العرب إذا نزل بهم الأمر الشديد قالوا‏:‏ الوزر الوزير، فلما أن جاء الله بالإِسلام قال‏:‏ ‏ { ‏كلا لا وزر‏ } ‏ قال‏:‏ لا جبل‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال‏:‏ كان الرجل يكون في ماشيته فتأتيه الخيل بغتة فيقول له صاحبه‏:‏ الوزر الوزير أي أقصد الجبل فتحصن به‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{ ‏لا وزر‏ }‏ قال‏:‏ لا جبل‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة ‏ { ‏لا وزر‏ }‏ قال‏:‏ لا غار لا ملجأ‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ‏{ ‏لا وزر‏ } ‏ قال‏:‏ لا جبل محرزة‏.‏
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏ { ‏لا وزر‏ } ‏ قال‏:‏ لا وزر يعني الجبل بلغة حمير‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جريرعن مطرف ‏ { ‏لا وزر‏ } ‏ قال‏:‏ لا جبل‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال ‏{ ‏لا وزر‏ }‏ قال‏:‏ لا جبل ولا حرز ولا ملجأ ولا منجى ‏ { ‏إلى ربك يومئذ المستقر‏ } ‏ قال‏:‏ المنتهى ‏ { ‏ينبأ الإِنسان يومئذ بما قدم‏ } ‏ قال‏:‏ من طاعة الله ‏ { ‏وأخر‏ } ‏ قال‏:‏ وما ضيع من حق الله‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وإبراهيم ‏ { ‏ينبأ الإِنسان يومئذ بما قدم وأخر‏ }‏ قال‏:‏ بأول عمله وآخره‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال‏:‏ بما قدم من الذنوب والشر والخطايا وما أخر من الخير‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله‏:‏ ‏ { ‏ينبأ الإِنسان يومئذ بما قدم وأخر‏ }‏ بما قدم من عمله وما أخر من سنة عمل بها من بعده من خير أو شر‏.‏
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{ ‏ينبأ الإِنسان يومئذ بما قدم وأخر‏ } ‏ قال‏:‏ بما عمل قبل موته وما يسن فعمل به بعد موته‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله‏:‏ ‏ { ‏ينبأ الإِنسان يومئذ بما قدم وأخر‏ }‏ قال‏:‏ قدم من حسنة أو أخر من سنة حسنة عمل بها بعده علماً علمه صدقة أمر بها‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏ينبأ الإِنسان يومئذ بما قدم وأخر‏ }‏ يقول‏:‏ بما قدم من المعصية وأخر من الطاعة فينبأ بذلك‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{ ‏ينبأ الإِنسان يومئذ بما قدم وأخر‏ }‏ قال‏:‏ ينزل ملك الموت عليه مع حفظة فيعرض عليه الخير والشر فإذا رأى حسنة هش وأشرق، وإذا رأى سيئة غض وقطب‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مجاهد قال‏:‏ بلغنا أن نفس المؤمن لا تخرج حتى يعرض عليه عمله خيره وشره‏.‏