التفاسير

< >
عرض

عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ
١
عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ
٢
ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ
٣
كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ
٤
ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ
٥
أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً
٦
وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً
٧
وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً
٨
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً
٩
وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً
١٠
وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً
١١
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً
١٢
وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً
١٣
وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً
١٤
لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً
١٥
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً
١٦
إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً
١٧
يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً
١٨
-النبأ

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن قال‏:‏ لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا يتساءلون بينهم فنزلت ‏{ ‏عم يتساءلون عن النبإ العظيم‏ }‏ ‏.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏يتساءلون عن النبإ العظيم‏ }‏ قال‏:‏ القرآن‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏ { ‏عم يتساءلون عن النبإ العظيم‏ } ‏ قال‏:‏ القرآن‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{ ‏الذي هم فيه مختلفون‏ }‏ قال‏:‏ مصدق به ومكذب‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ‏{ ‏عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون‏ } ‏ قال‏:‏ هو البعث بعد الموت، صار الناس فيه رجلين مصدق ومكذب، فأما الموت فاقروا به كلهم لمعاينتهم إياه، واختلفوا في البعث بعد الموت‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{ ‏كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون‏ } ‏ قال‏:‏ وعيد بعد وعيد‏.‏
وأخرج ابن جرير عن الضحاك { ‏كلا سيعلمون‏ }‏ الكفار ‏ { ‏ثم كلا سيعلمون‏ } ‏ المؤمنون، وكذلك كان يقرؤها‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏ألم نجعل الأرض مهادا‏ً }‏ قال‏:‏ فرشت لكم ‏ { ‏والجبال أوتادا‏ً } ‏ قال‏:‏ أوتدت بها لكم‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏ألم نجعل الأرض مهادا‏ً }‏ إلى قوله‏:‏ ‏ { ‏معاشا‏ً } ‏ قال‏:‏ نعم من الله يعددها عليك يا ابن آدم لتعمل لأداء شكرها‏.‏
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ لما أراد الله أن يخلق الخلق أرسل الريح فنسفت الماء حتى أبدت عن حشفة، وهي التي تحت الكعبة، ثم مد الأرض حتى بلغت ما شاء الله من الطول والعرض، وكانت هكذا تميد، وقال بيده وهكذا وهكذا، فجعل الله الجبال رواسي أوتاداً، فكان أبو قبيس من أول جبل وضع في الأرض‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال‏:‏ إن الأرض أول ما خلقت خلقت من عند بيت المقدس، وضعت طينة فقيل لها‏:‏ اذهبي هكذا وهكذا وهكذا، وخلقت على صخرة، والصخرة على حوت، والحوت على الماء فأصبحت وهي تميع‏.‏ فقالت الملائكة‏:‏ يا رب من يسكن هذه‏؟‏ فأصبحت الجبال فيها أوتاداً، فقالت الملائكة‏:‏ يا رب أخلقت خلقاً هو أشد من هذه‏؟‏ قال‏:‏ الحديد‏.‏ قالوا‏:‏ فخلقت خلقاً هو أشد من الحديد‏؟‏ قال‏:‏ النار‏.‏ قالوا‏:‏ فخلقت خلقاً هو أشد من النار‏؟‏ قال‏:‏ الماء‏.‏ قالوا‏:‏ فخلقت خلقاً هو أشد من الماء‏؟‏ قال الريح‏.‏ قالوا‏:‏ فخلقت خلقاً هو أشد من الريح‏؟‏ قال‏:‏ البناء‏.‏ قالوا‏:‏ فخلقت خلقاً هو أشد من البناء‏؟‏ قال‏:‏ آدم‏.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏ { ‏وخلقناكم أزواجا‏ً }‏ قال‏:‏ اثنين اثنين وفي قوله‏:‏ ‏{ ‏وجعلنا النهار معاشا‏ً } ‏ قال‏:‏ يبتغون من فضل الله، وفي قوله‏:‏ ‏{ ‏وجعلنا سراجاً وهاجا‏ً }‏ قال‏:‏ يتلألأ ‏{ ‏وأنزلنا من المعصرات‏ } ‏ قال‏:‏ الريح ‏ { ‏ماء ثجاجا‏ً } ‏ قال‏:‏ منصباً ينصب‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والخرائطي في مكارم الأخلاق عن قتادة ‏ { ‏وجعلنا سراجاً وهاجا‏ً } ‏ قال‏:‏ الوهاج المنير ‏{ ‏وأنزلنا من المعصرات‏ }‏ قال‏:‏ من السماء، وبعضهم يقول من الريح ‏ { ‏ماء ثجاجا‏ً }‏ قال‏:‏ الثجاج المنصب‏‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏وجعلنا سراجاً وهاجا‏ً } ‏ قال‏:‏ مضيئاً ‏ { ‏وأنزلنا من المعصرات‏ } ‏ قال‏:‏ السحاب ‏ { ‏ماء ثجاجاً‏ }‏ قال‏:‏ منصبا‏ً.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏ { ‏سراجاً وهاجا‏ً } ‏ قال‏:‏ يتلألأ‏.‏
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله‏:‏ { ‏وأنزلنا من المعصرات‏ }‏ قال‏:‏ السحاب يعصر بعضها بعضاً، فيخرج الماء من بين السحابتين‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول:‏ النابغة‏:‏

تجري بها الأرواح من بين شمال وبين صباها المعصرات الدوامس

قال‏:‏ أخبرني عن قوله‏:‏ ‏{ ‏ثجاجا‏ً }‏ قال‏:‏ الثجاج الكثير الذي ينبت منه الزرع قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت أبا ذؤيب يقول‏:

سقى أم عمر وكل آخر ليلة غمائم سود ماؤهن ثجيج

وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والخرائطي من طرق عن ابن عباس ‏ { ‏وأنزلنا من المعصرات‏ }‏ قال‏:‏ الرياح ‏{ ‏ماء ثجاجاً‏ } ‏ قال‏:‏ منصبا‏ً.
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والخرائطي والبيهقي في سننه عن ابن مسعود في قوله‏:‏ ‏{ ‏وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا‏ً } ‏ قال‏:‏ يبعث الله سحاباً فتحمل الماء من السماء فتمر به السحاب فتدر كما تدر اللقحة، والثجاج ينزل من السماء أمثال العزالي، فتصرفه الرياح فينزل متفرقا‏ً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة ‏ { ‏وأنزلنا من المعصرات‏ }‏ قال‏:‏ السحاب ‏ { ‏ماء ثجاجا‏ً } ‏ قال‏:‏ صباً أو قال كثيراً‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس ‏ { ‏وأنزلنا من المعصرات‏ } ‏ قال‏:‏ من السماء ‏ { ‏ماء ثجاجاً‏ } ‏ قال‏:‏ منصباً‏.‏
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن قتادة في مصحف الفضل بن عباس ‏{ ‏وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا‏ً }‏ ‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة قال في قراءة ابن عباس ‏{ ‏وأنزلنا من المعصرات‏ } ‏ بالرياح‏.‏
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن مجاهد ‏ { ‏وأنزلنا من المعصرات‏ }‏ الريح، ولذلك كان يقرؤها‏:‏ ‏"‏بالمعصرات ماء ثجاجا‏ً"‏ منصبا‏ً.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏وجنات ألفافا‏ً } ‏ قال‏:‏ مجتمعة‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏ { ‏وجنات ألفافا‏ً }‏ قال‏:‏ ملتفة‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏ { ‏وجنات ألفافا‏ً } ‏ قال‏:‏ ملتفة بعضها إلى بعض‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ‏ { ‏وجنات ألفافا‏ً } ‏ قال‏:‏ الزرع إذا كان بعضه إلى بعض جنات‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏ { ‏وجنات ألفافا‏ً } ‏ يقول‏:‏ جنات التفت بعضها ببعض‏.‏
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ‏{ ‏إن يوم الفصل كان ميقاتا‏ً }‏ قال‏:‏ هو يوم عظمة الله، وهو يوم يفصل فيه بين الأولين والآخرين‏.‏
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{ ‏يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا‏ً }‏ قال‏:‏ زمراً زمراً‏.‏
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب‏:‏
‏"‏ "أن معاذاً بن جبل قال‏:‏ يا رسول الله ما قول الله ‏ { ‏يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا‏ً }‏؟‏ فقال‏:‏ يا معاذ سألت عن أمر عظيم، ثم أرسل عينيه ثم قال‏: عشرة أصناف قد ميزهم الله من جماعة المسلمين، وبدل صورهم، فبعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكبين أرجلهم فوق ووجوههم أسفل يسحبون عليها، وبعضهم عمي يترددون، وبعضهم صم بكم لا يعقلون، وبعضهم يمضغون ألسنتهم وهي مدلاة على صدورهم، يسيل القيح من أفواههم لعاباً، يقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار، وبعضهم أشد نتناً من الجيف، وبعضهم يلبسون جباباً سابغات من قطران لازقة بجلودهم‏.‏ فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس، وأما الذين على صورة الخنازير فأكلة السحت، والمنكوسون على وجوههم فأكلة الربا، والعمي من يجور في الحكم، والصم البكم المعجبون بأعمالهم، والذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقضاة من الذين يخالف قولهم أعمالهم، والمقطعة أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون الجيران، والمصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان، والذين هم أشد نتنا من الجيف الذين يتمتعون بالشهوات واللذات ويمنعون حق الله وحق الفقراء من أموالهم، والذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والخيلاء والفخر‏"
‏‏.