التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
-التوبة

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم‏ } ‏ قال‏:‏ هي الأربعة عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشرون من شهر ربيع الآخر‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم‏ } ‏ قال‏:‏ عشر من ذي القعدة، وذي الحجة، والمحرم، سبعون ليلة‏.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه ‏ { ‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم‏ }‏ قال‏:‏ هي الأربعة التي قال
‏{ { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } } ‏[‏براءة: 2‏]‏‏.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم‏.‏‏.‏‏.‏‏ } ‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ كان عهد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش أربعة أشهر بعد يوم النحر، كانت تلك بقية مدتهم ومن لا عهد له إلى انسلاخ المحرم، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إذا مضى هذا الأجل أن يقاتلهم في الحل والحرم وعند البيت، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال‏:‏ كل آية في كتاب الله تعالى فيها ميثاق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين، وكل عهد ومدة نسخها سورة براءة ‏ { ‏خذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد‏ }‏‏ .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ‏ { ‏واحصروهم‏ } ‏ قال‏:‏ ضيِّقوا عليهم ‏ { ‏واقعدوا لهم كل مرصد‏ } ‏ قال‏:‏ لا تتركوهم يضربون في البلاد ولا يخرجون التجارة‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال‏:‏ الرباط في كتاب الله تعالى ‏ { ‏واقعدوا لهم كل مرصد‏ } ‏‏.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس في قوله ‏ { ‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم‏ }‏ ثم نسخ واستثنى فقال ‏{ ‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم‏ } ‏ وقال
‏{ { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله‏ } }‏ ‏[‏التوبة: 6].
أما قوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏فإن تابوا‏ }‏ الآية.
أخرج ابن ماجه ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق الربيع بن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"‏من فارق الدنيا على الإِخلاص لله وعبادته وحده لا شريك له، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فارقها والله عنه راض" ، قال أنس رضي الله عنه‏:‏ وهو دين الله الذي جاءت به الرسل، وبلغوه عن ربهم من قبل هوج الأحاديث واختلاف الأهواء‏.‏ قال أنس‏:‏ وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى في آخر ما أنزل ‏ { ‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم‏ } ‏ قال‏:‏ توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم‏.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه ‏ { ‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة‏ }‏ قال‏:‏ حرمت هذه دماء أهل القبلة‏.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه ‏ { ‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم‏ } ‏ قال‏:‏ فإنما الناس ثلاثة نفر‏.‏ مسلم عليه الزكاة، ومشرك عليه الجزية، وصاحب حرب يأتمن بتجارته إذا أعطى عشر ماله‏.
وأخرج الحاكم وصححه عن مصعب بن عبد الرحمن عن أبيه رضي الله عنه قال‏:‏ افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ثم انصرف إلى الطائف فحاصرهم ثمانية أو سبعة، ثم ارتحل غدوة وروحة، ثم نزل ثم هجر، ثم قال
"‏أيها الناس إني لكم فرط، وإني أوصيكم بعترتي خيراً موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلاً مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتلهم وليسبين ذراريهم، فرأى الناس أنه يعني أبا بكر أو عمر رضي الله عنهما، فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال‏: هذا‏"
‏‏. وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن الربيع الظفري رضي الله عنه - وكانت له صحبة - قال ‏"‏ "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من أشجع تؤخذ صدقته، فجاءه الرسول فرده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اذهب فإن لم يعط صدقته فاضرب عنقه"
‏"‏‏.