التفاسير

< >
عرض

وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً
١
فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً
٢
فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً
٣
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً
٤
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً
٥
-العاديات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مختلف فيها، وآيُها إحدى عشرة

{ وَٱلْعَـٰدِيَـٰتِ } أقسمَ سبحانَهُ بخيلِ الغُزاةِ التي تعدُو نحوَ العدوِّ وقولُه تعالَى: { ضَبْحاً } مصدرٌ منصوبٌ إما بفعلِه المحذوفِ الواقعِ حالاً منَها أي تضبحُ ضَبْحاً وهُو صوتُ أنفاسِها عندَ عدوها أوْ بالعادياتِ فإن العدوَ مستلزمٌ للضبحِ كأنَّه قيلَ: والضابحاتِ أو حالٌ على أنَّه مصدرٌ بمعنى الفاعلِ أيْ ضابحاتٌ { فَٱلمُورِيَـٰتِ قَدْحاً } الإيراءُ إخراجُ النَّارِ والقدحُ الصَّكُّ يقالَ قدحَ فأَوْرَى أيْ فالتي تُورِى النارَ منْ حوافرِها وانتصابُ قَدحاً كانتصابِ ضبحاً على الوجوهِ الثلاثةِ { فَٱلْمُغِيرٰتِ } أسند الإغارةَ التي هيَ مباغتةُ العدوِّ للنهبِ أو للقتلِ أو للأسرِ إليَها وهيَ حالُ أهلِها وإيذاناً بأنَّها العمدةُ في إغارتِهم { صُبْحاً } أي في وقتِ الصبحِ وهو المعتادُ في الغاراتِ يعدونَ ليلاً لئلا يشعرُ بهمْ العدوّ ويهجمونَ علهيمْ صباحاً ليَرَوا مَا يأتونَ ومَا يذرونَ وَقَولُه تعالَى: { فَأَثَرْنَ بِهِ } عطفٌ على الفعلِ الذي دلَّ عَلَيهِ اسمُ الفاعلِ إذِ المَعْنى واللاتِي عدونَ فأورينَ فأغرنَ فأثرنَ بهِ أيْ فهيجنَ بذلكَ الوقتِ { نَقْعاً } أيْ غُباراً وتخصيصُ إثارتِه بالصُّبحِ لأنَّه لا يثورُ أو لا يظهرُ ثورانُه بالليلِ وبهذا ظهرَ أنَّ الإيراءَ الذي لا يظهرُ في النهارِ واقعٌ في الليلِ ولله درُّ شأنِ التنزيلِ وَقيلَ النقعُ الصياحُ والجَلَبةُ وقُرِىءَ فأثَّرنَ بالتشديدِ بمَعْنى فأظهرنَ بهِ غُباراً لأنَّ التأثيرَ فيهِ مَعْنى الإظْهارِ { فَوَسَطْنَ بِهِ } أي توسطنَ بذلك الوقتِ أو توسطنَ ملتبساتٍ بالنقعِ { جَمْعاً } من جموعِ الأعداءِ والفاءاتُ للدلالةِ عَلَى ترتبِ ما بعدَ كُلَ مِنْها عَلى ما قبلَها كَما في قولِه:

يَا لهفَ زيّابةَ للحارثِ الصَّابحِ فالغَانمِ فالآيبِ

فإنَّ توسطَ الجمعِ مترتبٌ عَلى الإثارةِ المترتبةِ على الإغارةِ المترتبةِ على الإيراءِ المترتبِ على العدوِ.