التفاسير

< >
عرض

وَٱلْعَصْرِ
١
إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ
٢
إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ
٣
-العصر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مكية وآيُها ثلاث

{ وَٱلْعَصْرِ } أقسمَ سبحانَهُ بصلاةِ العصرِ لفضلِها الباهرِ أوْ بالعَشي الذَّيِ هُوَ ما بـينَ الزوالِ والغروبِ كما أقسمَ بالضُّحى أو بعصرِ النبوةِ لظهورِ فضلِه عَلى سائرِ الأعصارِ أو بالدهرِ لانطوائِه عَلى تعاجيبِ الأمورِ القارةِ والمارةِ { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ لَفِى خُسْرٍ } أيْ خُسرانٌ في متاجرِهم ومساعيهم وصرفِ أعمارِهم في مباغيِهم والتعريفُ للجنسِ والتنكيرُ للتعظيمِ { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } فإنهمُ في تجارةٍ لنْ تبورَ حيثُ باعُوا الفانيَ الخسيسَ واشترَوا الباقيَ النفيسَ واستبدلُوا الباقياتِ الصالحاتِ بالعادياتِ الرائحاتِ فيا لهَا منْ صفقةٍ ما أربَحها وَهَذا بـيانٌ لتكميلِهم لأنفسِهم وقولُه تعالَى: { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقّ } الخ بـيانُ لتكميلِهم لغيرِهم أيْ وَصَّى بعضُهم بعضاً بالأمرِ الثابتِ الذي لا سبـيلَ إلى إنكارِه ولا زوالَ في الدارينِ لمحاسنِ آثارِه وهُو الخيرُ كُلُّه منَ الإيمانِ بالله عزَّ وجَلَّ واتباعِ كتبهِ ورسلِه في كُلِّ عقدٍ وعملٍ { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } أيْ عنِ المعاصِي التي تشتاقُ إليها النفسُ بحكمِ الجِبلّةِ البشريةِ وعَلى الطاعاتِ التي يشقُّ عليَها أداؤُها أوْ عَلى ما يبلُو الله عَزَّ وجلَّ بهِ عبادَهُ وتخصيص هَذا التواصِي بالذكرِ مع اندراجِه تحتَ التواصِي بالحقِّ لإبرازِ كمالِ الاعتناءِ بهِ أو لأنَّ الأولَ عبارةٌ عن رتبةِ العبادةِ التي هيَ فعلُ ما يَرضى بهِ الله تعالَى والثانِي عن رتبةِ العبوديةِ التي هي الرِّضا بما فعلَ الله تعالَى فإنَّ المرادَ بالصبرِ ليسَ مجردَ حبسِ النفسِ عما تتشوقُ إليهِ من فعلٍ وتركٍ بلْ هُو تلقي ما وردَ منْه تعالَى بالجميلِ والرِّضا بهِ ظاهراً وباطناً.

عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم " "مَنْ قرأَ سورةَ والعصرِ غفرَ الله تَعَالَى لَهُ وكانَ ممنْ تواصَى بالحقِّ وتواصَى بالصبر" .