التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ
٢
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ
٣
تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ
٤
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ
٥
-الفيل

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالَى { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ } الخ بَـيَانٌ إِجْمَاليٌ لمَا فعلَه الله تَعَالى بهمْ وَالهْمزةُ للتقريرِ كَما سبقَ ولذلكَ عطفَ عَلَى الجُملْةِ الاستفهاميةِ ما بعدَهَا كأنَّه قيلَ: قدْ جعلَ كيدَهُم في تعطيلِ الكعبةِ وتخريبِها في تضيـيعٍ وإبطالٍ بأنْ دمَّرهُم أشنعَ تدميرٍ { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } أَيْ طوائفَ وجماعاتٍ جمعُ أبالةٍ وهيَ الحزمةُ الكبـيرةُ شُبهتْ بَها الجماعةُ من الطيرِ في تضامِّها وقيلَ: أبابـيلَ مثلُ عبابـيدَ وشماطيطَ لا واحدَ لهَا { تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ } صفةٌ لطيراً. وقُرِىءَ يَرْميهِمْ بالتذكيرِ لأنَّ الطيرَ اسمُ جَمْعٍ وتأنيثُهُ باعتبارِ المَعْنَى { مّن سِجّيلٍ } من طينٍ مُتحجرٍ مُعَرَّبُ سَنْك كِلْ وقيلَ كأنهُ عَلمٌ للديوانِ الذي كتبَ فيهِ عذابُ الكفارِ كما أنَّ سجيناً علمٌ للديوانِ الذي يكتبُ فيه أعمالُهم كأنَّه قيلَ بحجارةٍ من جملةِ العذابِ المكتوبِ المدونِ، وَاشتقاقُه منَ الإسجالِ وهُوَ الإرسالُ { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ } كورقِ زرعٍ وقعَ فيهِ الأكالُ وهُوَ أنْ يأكلُه الدودُ أوْ أكلَ حبُّه فبقَي صِفراً منْهُ أوْ كتبنٍ أكلتْهُ الدوابُّ وَرَاثتْهُ أشيرَ إليهِ بأولِّ أحوالِه. عنِ النبـيِّ صلى الله عليه وسلم: "منْ قرأَ سورةَ الفيلِ أعفاهُ الله تعالَى أيامُ حياتِهِ منَ الخسفِ والمسخِ" وَالله أعلمُ.