التفاسير

< >
عرض

أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ
١
فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ
٢
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ
٤
ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ
٥
ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ
٦
وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ
٧
-الماعون

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مختلف فيها وآيُها سبع

{ أَرَءيْتَ ٱلَّذِى يُكَذّبُ بِٱلدّينِ } استفهامٌ أريدَ بهِ تشويقُ السامعِ إلى معرفةِ مَنْ سيقَ لَهُ الكلاَمُ، والتعجيبُ منْهُ. والخطابُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم. وقيلَ: لكُلِّ عاقلٍ والرؤيةُ بمَعْنى المَعْرفةِ وقُرِىءَ أرأيتَكَ بزيادةِ حَرْفِ الخطابِ والفاءُ في قولِه تعالَى: { فَذَلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } جوابُ شرطٍ محذوفٍ على أنَّ ذلكَ مُبتدأٌ والموصولُ خبرُهُ والمَعْنى هَلْ عرفتَ الذي يكذبُ بالجزاءِ أو بالإسلامِ إنْ لَمْ تعرفْهُ أو إنْ أردتَ أنْ تعرفَهُ فهُوَ الذي يدفعُ اليتيمَ دفعاً عنيفاً ويزجرُهُ زَجْراً قَبـيحاً ووضعُ اسمِ الإشارةِ المتعرضِ لوصفِ المشارِ إليهِ موضعَ الضميرِ للإشعارِ بعلةِ الحكمِ والتنبـيهِ بمَا فيهِ من مَعْنى البُعدِ على بُعْدِ منزلتِهِ في الشرِّ والفسادِ. قيلَ: هُوَ أبُو جهلٍ كانَ وصياً ليتيمٍ فأتاهُ عُرياناً يسألُهُ من مالِ نفسِه فدفعَهُ دفعاً شنيعاً، وقيلَ: أبُو سفيانَ نحرَ جزوراً فسألَهُ يتيمٌ لحماً فقرعَهُ بعصاهُ، وقيلَ: هُوَ الوليدُ بنُ المُغِيرَةِ وقيلَ: هُوَ العَاصُ بنُ وائلٍ السَّهْمِيُّ، وقيلَ: هُوَ رجُلٌ بخيلٌ مِنَ المنافقينَ، وقيلَ: الموصولُ على عمومِهِ. وقُرِىءَ يَدَعُ اليتيمَ أيْ يتركُه ويجفُوهُ { وَلاَ يَحُضُّ } أيْ أهلَهُ وغيرَهُم مِنَ الموسرينَ { عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } وإذَا كانَ حالُ من تركَ حَثَّ غيرَه على ما ذُكرَ فمَا ظنُّكَ بحالِ من تركَ ذلكَ معَ القُدرةِ عليهِ. والفاءُ في قولِه تعالَى: { فَوَيْلٌ } الخ، إما لربطِ مَا بعدَهَا بشرطٍ محذوفٍ كأنَّه قيلَ: إذَا كانَ مَا ذُكِرَ من عدَمِ المُبالاةِ باليتيمِ والمسكينِ مِنْ دَلاَئلِ التكذيبِ بالدِّينِ وموجباتِ الذمِّ والتوبـيخِ فويلٌ { لّلْمُصَلّينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } غافلونَ غيرُ مبالينَ بهَا { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ } أيْ يرونَ النَّاسَ أعمالَهُم ليروهُمْ الثناءَ عَلَيهَا { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } أي الزكاةَ أو مَا يُتعَاورُ عادةً فإنَّ عدمَ المبالاةِ باليتيمِ والمسكينِ حيثُ كانَ كمَا ذُكِرَ فعدمُ المبالاةِ بالصلاةِ التي هي عمادُ الدينِ والرياءُ الذي هُوَ شعبةٌ منَ الكفرِ ومنعُ الزكاةِ التي هيَ قنطرةُ الإسلامِ وسوءُ المعاملةِ مَعَ الخلقِ أحقُّ بذلكَ وإمَّا لترتيبِ الدعاءِ عليهم بالويلِ على ما ذكرَ من قبائحِهم ووضعُ المصلينَ موضعَ ضميرِهم ليتوسلَ بذلكَ إلى بـيانِ أنَّ لهُم قبائحَ أخَر غيرَ ما ذكرَ.

عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: " "مَنْ قرأَ سورةَ الدينِ غُفرَ لَهُ إنْ كانَ للزكاةِ مُؤدياً" .