التفاسير

< >
عرض

وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ
٤
وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ
٥
-الفلق

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَمِن شَرّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِى ٱلْعُقَدِ } أيْ وَمِنْ شَرِّ النفوسِ أو النساءِ السواحرِ اللاتِي يعقدنَ عُقَداً في خيوطٍ ويَنْفُثنَ عليهَا والنفثُ النفخُ معَ ريقٍ وقيلَ بدونِ ريقٍ وقُرِىءَ النافثاتُ كما قُرِىءَ النفثاتُ بغيرِ ألفٍ وتعريفُهَا إمَّا للعهدِ أوْ للإيذانِ بشمولِ الشرِّ لجميعِ أفرادِهِنَّ وتمحضهنَّ فيهِ وتخصيصُهُ بالذكرِ لما رَوَى ابْنُ عبَّاسٍ وعائشةُ رَضِيَ الله عنهُم " أنَّهُ كانَ غلامٌ من اليهودِ يخدمُ النبـيَّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وكانَ عندَهُ أسنانٌ منْ مشطِهِ عليهِ السلامُ فأعطَاهَا اليهودَ فسحرُوهُ عليهِ السلامُ فيهَا وتولاَّهُ لبَـيْدُ بنُ الأَعصمِ اليهوديُّ وبناتُهُ وهُنَّ النافثاتُ في العقدِ فدفَنَها في بئرِ أريسٍ فمرضَ النبـيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ فنزلَ جبريلُ عليهِ السلامُ بالمعوذتينِ وأخبرَهُ بموضعِ السحرِ وبمَنْ سحرَهُ وبمَ سحرَهُ فأرسلَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ علياً كرمَ الله وجْهَهُ والزبـيرَ وعمَّاراً رضيَ الله عنْهُم فنزحُوا ماءَ البئرِ فكأنَّهُ نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ ثمَّ رفعُوا راعوثةَ البئرِ وهيَ الصخرةُ التي توضعُ في أسفلِ البئرِ فأخرجُوا منْ تحتِهَا الأسنانَ ومعَها وترٌ قدْ عُقِدَ فيهِ إحدَى عشرةَ عقدةً مغرزةً بالأبرِ فجاءُوا بهَا النبـيَّ صلى الله عليه وسلم فجعلَ يقرأُ المعوذتينِ عليهَا فكانَ كلَّما قرأَ آيةً انحلتْ عقدةٌ ووجدَ عليهِ السلامُ خفةً حتَّى انحلتْ العقدةُ الأخيرةُ عندَ تمامِ السورتينِ فقامَ عليهِ السلامُ كأنَّما أنشطَ مِنْ عقالٍ فقالُوا يا رسولَ الله أفلا نقتلُ الخبـيثَ فقالَ عليهِ السلامُ: أمَّا أنَا فقَد عافانِي الله عزَّ وجلَّ وأكرَهُ أنْ أثيرَ عَلى الناسِ شَراً قالتْ عائشةُ رضيَ الله عنهَا ما غضبَ النبـيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ غضباً ينتقمُ لنفسِهِ قطُّ إلاَّ أنْ يكونَ شيئاً هُو لله تَعَالَى فيغضبُ لله وينتقمُ وقيلَ المرادُ بالنفثِ في العُقَدِ إبطالُ عزائمِ الرجالِ بالحيلِ مستعارٌ مِنْ تليـينِ العقدةِ بنفثِ الربقِ ليسهلَ حلُّ" ها { وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } أيْ إذَا أظهَرَ مَا في نفسِهِ من الحسدِ وعملَ بمقتضاهُ بترتيبِ مقدماتِ الشرِّ ومبادىءِ الأضرارِ بالمحسودِ قولاً أو فعلاً والتقيـيدُ بذلكَ لما أنَّ ضررَ الحسدِ قبلَهُ إنما يحيقُ بالحاسدِ لا غيرَ.

عَنِ النبـيِّ صلى الله عليه وسلم: " "مَنْ قرأَ المعوذتينِ فكأنَّما قرأَ الكتبَ التي أنزلَهَا الله تعالَى" .