التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ
١
مَلِكِ ٱلنَّاسِ
٢
إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ
٣
مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ
٤
-الناس

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مختلف فيها، وآيُها ست

{ قُلْ أَعُوذُ } وقرىء فى السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتها إِلى اللام { بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } أَى مالك أُمورهم ومربيهم بإِفاضة ما يصلحهم ودفع ما يضرهم وقوله تعالى { مَلِكِ ٱلنَّاسِ } عطف بيان جىء به لبيان أَن تربيته تعالى إِياهم ليست بطريق تربية سائر الملاك لما تحت أيديهم من مماليكهم بل بطريق الملك الكامل والتصرف الكلى والسلطان القاهر وكذا قوله تعالى { إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ } فإِنه لبيان أن ملكه تعالى ليس بمجرد الاستيلاء عليهم والقيام بتدبير أمورهم وسياستهم والتولى لترتيب مبادىء حفظهم وحمايتهم كما هو قصارى أمر الملوك بل هو بطريق المعبودية المؤسسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلى فيهم إحياء وإماتة وإيجاداً وإعداماً، وتخصيص الإِضافة بالناس مع انتظام جميع العاملين فى سلك ربوبيته تعالى وملكوتيته وألوهيته للإرشاد إلى منهاج الاستعاذة المرضية عنده تعالى الحقيقة بالإِعاذة فإِن توسل العائذ بربه وانتسابه إليه تعالى بالمربوبية والمملوكية والعبودية فى ضمن جنس هو فرد من أفراده من دواعى مزيد الرحمة والرأفة وأمره تعالى بذلك من دلائل الوعد الكريم بالإعاذة لا محالة ولأن المستعاذ منه شر الشيطان المعروف بعداوتهم ففى التنصيص على انتظامهم فى سلك عبوديته تعالى وملكوته رمز إلى إنجائهم من ملكة الشيطان وتسلطه عليهم حسبما ينطق به قوله تعالى { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [سورة الحجر، الآية 42] فمن جعل مدار تخصيص الإضافة مجرد كون الاستعاذة من المضار المختصة بالنفوس البشرية فقد قصر فى توفية المقام حقه وأما جعل المستعاذ منه فيما سبق المضار البدنية فقد عرفت حاله وتكرير المضاف إليه لمزيد الكشف والتقرير والتشريف بالإضافة { مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ } هو اسم بمعنى الوسوسة وهى الصوت الخفى كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فبالكسر والمراد به الشيطان سمى لفعله مبالغة كأنه نفس الوسوسة { ٱلْخَنَّاسِ } الذى عادته أن يخنس أي يتأخر إذا ذكر الإنسان ربه.