التفاسير

< >
عرض

وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ
٤٢
-الرعد

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَقَدْ مَكَرَ } الكفار { ٱلَّذِينَ } خلَوا { مِن قَبْلِهِمُ } من قبل كفار مكةَ بأنبـيائهم والمؤمنين كما مكر هؤلاءِ، وهذا تسليةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا عبرةَ بمكرهم ولا تأثير، بل لا وجود له في الحقيقة ولم يصرّح بذلك اكتفاءً بدلالة القصرِ المستفادِ من تعليله أعني قوله تعالى: { فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ } أي جنسُ المكر { جَمِيعاً } لا وجودَ لمكرهم أصلاً، إذ هو عبارةٌ عن إيصال المكروهِ إلى الغير من حيث لا يشعُر به وحيث كان جميع ما يأتون وما يذرون بعلم الله تعالى وقدرتِه ـ وإنما لهم مجردُ الكسب من غير فعلٍ ولا تأثير حسبما يبـيّنه قوله عز وجل: { يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } ومن قضيته عصمةُ أوليائِه وعقابُ الماكرين بهم توفيةً لكل نفس جزاءَ ما تكسِبه ـ ظهر أنْ ليس لمكرهم بالنسبة إلى مَن مكروا بهم عينٌ ولا أثرٌ وأن المكرَ كله لله تعالى حيث يؤاخذهم بما كسبوا من فنون المعاصي التي من جملتها مكرُهم من حيث لا يحتسبون، أو لله المكرُ الذي باشروه جميعاً لا لهم عل معنى أن ذلك ليس مكراً منهم بالأنبـياء بل هو بعينه مكرٌ من الله تعالى بهم وهم لا يشعرون حيث لا يحيق المكرُ السيِّـيءُ إلا بأهله { وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّـٰرُ } حين يقضي بمقتضىٰ علمه فيوفِّي كلَّ نفس جزاءَ ما تكسبه { لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } أي العاقبةُ الحميدةُ من الفريقين وإن جهِلوا ذلك يومئذ، وقيل: السينُ لتأكيد وقوعِ ذلك وعلمِهم به حينئد، وقرىء سيعلم الكافرُ على إدارة الجنسِ والكافرون والكفرُ أي أهله والذين كفروا وسيُعلم على صيغة المجهول من الإعلام أي سيُخبر.