التفاسير

< >
عرض

فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ
٤٧
-إبراهيم

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } لم يرَدْ به والله سبحانه أعلم ما وعده بقوله تعالى: { { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا } [غافر: 51] الآية، وقولِه: { { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } [المجادلة: 21] كما قيل فإنه لا اختصاصَ له بالتعذيب لا سيما الأخرويُّ، بل ما سلف آنفاً من وعده بتعذيب الظالمين بقوله تعالى: { { إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ } [إبراهيم: 42] الآية، كما يُفصح عنه الفاءُ الداخلة على النهي الذي أريد به تثبـيتُه عليه الصلاة والسلام على ما كان عليه من الثقة بالله تعالى والتيقّن بإنجاز وعدِه المذكور المقرونِ بالأمر بإنذارهم يوم إتيانِ العذاب المتضمِّنِ لذكر تعذيبِ الأممِ السالفة، بسبب كفرِهم وعصيانِهم رسلَهم بعد ما وعدهم بذلك كما فُصّلت قصةُ كل منهم في القرآن العظيم، فكأنه قيل: وإذ قد وعدناك بعذاب الظالمين يوم القيامة، وأخبرناك بما يلقَوْنه من الشدائد، وبما يسألونه من الرد إلى الدنيا، وبما أجَبْناهم به وقرَعناهم بعدم تأملِهم في أحوال من سبَقهم من الأمم الذين أهلكناهم بظلمهم بعد ما وعدنا رسلَهم بإهلاكهم، فدُمْ على ما كنت عليه من اليقين بعدم إخلافِنا رسلَنا وعدَنا { أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } غالبٌ لا يماكَر وقادرٌ لا يقادَر { ذُو ٱنتِقَامٍ } لأوليائه من أعدائه، والجملةُ تعليلٌ للنهي المذكور وتذيـيلٌ له، وحيث كان الوعدُ عبارةً عما ذكرنا من تعذيبهم خاصة لم يذيَّل بأن يقال: إن الله لا يخلف الميعاد، بل تعرض لوصف العزة والانتقامِ المُشعِرَين بذلك، والمرادُ بالانتقام ما أشير إليه بالفعل وعبّر عنه بالمكر.