التفاسير

< >
عرض

ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ
٤٦
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ
٤٧
لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ
٤٨
نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٤٩
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ
٥٠
وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ
٥١
-الحجر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ ٱدْخُلُوهَا } على إرادة القول أمراً من الله تعالى لهم بالدخول، وقرىء أدخِلوها أمراً منه تعالى للملائكة بإدخالهم، وقرأ الحسن: أُدخِلوها مبنياً للمفعول على صيغة الماضي من الإدخال { بِسَلامٍ } ملتبسين بسلام أي سالمين أو مسلَّماً عليكم { ءامِنِينَ } من الآفات والزوال.

{ وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ } أي حقدٍ كان في الدنيا، وعن علي رضي الله تعالى عنه: أرجو أن أكونَ أنا وعثمانُ وطلحةُ والزبـيرُ منهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين { إِخْوَانًا } حال من الضمير في قوله تعالى: { فِي جَنَّـٰتِ }، أو من فاعل ادخلوها، أو من الضمير في آمنين، أو الضمير المضاف إليه والعامل فيه معنى الإضافةِ، وكذلك قوله تعالى: { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } ويجوز كونُهما صفتين لإخواناً أو حالين من ضميره، لأنه بمعنى متصافِّين، وكونُ الثاني حالاً من المستكنّ في الأول. وعن مجاهد: تدور بهم الأسرّةُ حيثما داروا فهم متقابلون في جميع أحوالهم.

{ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ } أي تعب بألا يكونَ لهم فيها ما يوجبه من الكدّ في تحصيل ما لا بُدّ لهم منه، لحصول كل ما يريدونه من غير مزاولةِ عملٍ أصلاً، أو بأن لا يعتريَهم ذلك وإن باشروا الحركاتِ العنيفة لكمال قوتِهم، وهو استئنافٌ أو حالٌ بعد حال من الضمير في متقابلين { وَمَا هُمْ مّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } أبدَ الآباد لأن تمام النعمة بالخلود.

{ نَبّىء عِبَادِى } وهم الذين عبر عنهم بالمتقين { أَنّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } فذلكةٌ لما سلف من الوعد والوعيد وتقريرٌ له، وفي ذكر المغفرةِ إشعارٌ بأن ليس المرادُ بالمتقين مَن يتقي جميعَ الذنوب كبـيرَها وصغيرَها، وفي وصف ذاتِه تعالى بها وبالرحمة على وجه القصر دون التعذيب إيذانٌ بأنهما مما يقتضيهما الذاتُ وأن العذاب إنما يتحقق بما يوجبه من خارج.

{ وَنَبّئْهُمْ } عطفٌ على نبىءْ عبادي، والمقصود اعتبارُهم بما جرى على إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام مع أهله من البشرى في تضاعيف الخوفِ، وبما حل بقوم لوطٍ من العذاب ونجاتِه عليه الصلاة والسلام مع أهله التابعين له في ضمن الخوف، وتنبـيهُهم بحلول انتقامِه تعالى من المجرمين وعلمُهم بأن عذاب الله هو العذاب الأليم { عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "أنهم جبريلُ عليه الصلاة والسلام وملكانِ معه" ، وقال محمد بن كعبٍ: "وسبعةٌ معه" ، وقيل: "جبريلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ عليهم الصلاة والسلام" ، وقال الضحاك: "كانوا تسعةً" ، وعن السدي: "كانوا أحدَ عشرَ على صور الغلمان الوِضاءِ وجوهُهم" ، وعن مقاتلٍ: "أنهم كانوا اثنيْ عشَرَ ملَكاً" ، وإنما لم يتعرض لعنوان رسالتِهم لأنهم لم يكونوا مرسَلين إلى إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام بل إلى قوم لوطٍ حسبما يأتي ذكرُه.