التفاسير

< >
عرض

وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٨
وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
٩
هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
١٠
يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
١١
-النحل

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَٱلْخَيْلَ } هو اسمُ جنس للفرس لا واحد له من لفظه، كالإبل وهو عطفٌ على الأنعام أي خلق الخيل { وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا } تعليلٌ بمعظم منافعها وإلا فالانتفاعُ بها بالحمل أيضاً مما لا ريب في تحققه { وَزِينَة } عطفٌ على محل لتركبوها، وتجريدُه عن اللام لكونه فعلاً لفاعل الفعل المعلل دون الأولِ، وتأخيرُه لكون الركوبِ أهمَّ منه، أو مصدرٌ لفعل محذوفٍ، أي وتتزيّنوا بها زينةً، وقرىء بغير واو أي خلقها زينةً لتركبوها، ويجوز أن يكون مصدراً واقعاً موقعَ الحال من فاعل تركبوها أو مفعولِه أي متزيّنين بها { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي يخلق في الدنيا غيرَ ما عُدد من أصناف النعم فيكم ولكم ما لا تعلمون كنهَه وكيفيةَ خلقِه، فالعدولُ إلى صيغة الاستقبال للدِلالة على الاستمرار والتجددِ أو لاستحضار الصورة، أو يخلق لكم في الجنة غيرَ ما ذكر من النعم الدنيوية ما لا تعلمون أي ما ليس من شأنكم أن تعلموه، وهو ما أشير إليه بقوله عليه الصلاة والسلام حكاية عن الله تعالى: "أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمِعت ولا خطَر على قلب بشر" ويجوز أن يكون هذا إخباراً بأنه سبحانه يخلق من الخلائق ما لا علمَ لنا به دَلالةً على قدرته الباهرة الموجبةِ للتوحيد كنعمته الباطنة والظاهرة.

عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن عن يمين العرش نهراً من نور مثلَ السمواتِ السبع والأرضين السبع والبحارِ السبعة، يدخل فيه جبريلُ عليه السلام كل سَحَر فيغتسل فيزداد نوراً إلى نور وجمالاً إلى جمال وعِظماً إلى عظم، ثم ينتفض فيخلق الله تعالى من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا ألفَ ملَك، فيدخل منهم كل يوم سبعون ألفَ ملكٍ البـيتَ المعمور وسبعون ألف ملك الكعبة لا يعودون إليه إلا يوم القيامة.

{ وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } القصدُ مصدر بمعنى الفاعل، يقال: سبـيلٌ قصْدٌ وقاصدٌ، أي مستقيم على طريقة الاستعارة أو على نهج إسنادِ حال سالكِه إليه، كأنه يقصِد الوجهَ الذي يؤمه السالكُ لا يعدِل عنه، أي حقٌّ عليه سبحانه وتعالى بموجب رحمته ووعدِه المحتوم بـيانُ الطريق المستقيمِ الموصلِ لمن يسلكه إلى الحق الذي هو التوحيدُ بنصب الأدلةِ وإرسالِ الرسل وإنزال الكتبِ لدعوة الناس إليه، أو مصدرٌ بمعنى الإقامة والتعديل كذا قاله أبو البقاء، أي عليه عز وجل تقويمُها وتعديلها أي جعلُها بحيث يصل سالكُها إلى الحق، لكن لا بعد ما كانت في نفسها منحرفةً عنه بل إبداعُها ابتداءً كذلك على نهج قوله: سبحان من صغّر البعوضَ وكبّر الفيل، وحقيقتُه راجعةٌ إلى ما ذكر من نصب الأدلةِ، وقد فعَل ذلك حيث أبدع هذه البدائعَ التي كلُّ واحد منها لاحبٌّ يُهتدىٰ بمناره وعلَمٌ يُستضاء بناره، وأَرسل رسلاً مبشرين ومنذرين وأَنزل عليهم كتباً من جملتها هذا الوحيُ الناطقُ بحقيقة الحقِّ الفاحصِ عن كل ما جلّ من الأسرار ودقّ، الهادي إلى سبـيل الاستدلال بتلك الأدلةِ المفضية إلى معالم الهدى، المنْجية عن فيافي الضلالة ومهاوي الردىٰ، ألا يُرى كيف بـيّن أولاً تنزُّهَ جنابِ الكبرياء وتعالِيَه بحسب الذات عن أن يحوم حوله شائبةُ توهمِ الإشراك، ثم أوضح سرَّ إلقاءِ الوحي على الأنبـياء عليهم الصلاة والسلام وكيفيةَ أمرِهم بإنذار الناس ودعوتِهم إلى التوحيد ونهيِهم عن الإشراك، ثم كرّ على بـيان تعاليه عن ذلك بحسب الأفعالِ مرشداً إلى طريقة الاستدلالِ فبدأ بفعله المتعلق بمحيط العالم الجُسماني ومركزِه بقوله تعالى: { { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقّ تَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [النحل: 3] ثم فصّل أفعالَه المتعلقةَ بما بـينهما فبدأ بفعله المتعلّق بأنفس المخاطَبـين، ثم ذكر ما يتعلق بما لا بد لهم منه في معايشهم، ثم بـين قدرتَه على خلق ما لا يحيط به علمُ البشر بقوله: { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [النحل، الآية 8] وكلُّ ذلك كما ترى بـيانٌ لسبـيل التوحيد غِبَّ بـيانٍ وتعديلٌ له أيُّما تعديلٍ، فالمرادُ بالسبـيل على الأول الجنسُ بدليل إضافة القصدِ إليه وقوله تعالى: { وَمِنْهَا } في محل الرفع على الابتداء، إما باعتبار مضمونِه وإما بتقدير الموصوف كما في قوله تعالى: { { وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } [الجن، الآية 11] وقد مر في قوله تعالى: { { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ } [البقرة، الآية 8] الخ، أي بعضُ السبـيل أو بعضٌ من السبـيل فإنها تؤنث وتذكر { جَائِرٌ } أي مائلٌ عن الحق منحرفٌ عنه لا يوصِل سالكَه إليه، وهو طرقُ الضلال التي لا يكاد يُحصىٰ عددُها المندرجُ كلُّها تحت الجائر، وعلى الثاني نفسُ السبـيل المستقيم والضميرُ في منها راجع إليها بتقدير المضاف أي ومن جنسها لما عرفتَ من أن تعديلَ السبـيل وتقويمَه إبداعُه ابتداءً على وجه الاستقامةِ والعدالةِ لا تقويمُه بعد انحرافِه. وأياً ما كان فليس في النظم الكريم تغيـيرُ الأسلوب رعايةً لأمر مطلوب كما قيل، فإن ذلك إنما يكون فيما اقتضى للظاهرُ سبكاً معيناً ولكن يُعدل عن ذلك لنُكتة أهمَّ منه كما في قوله سبحانه: { { ٱلَّذِى يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [الشعراء، الآية 79] فإن مقتضىٰ الظاهرِ أن يقال: والذي يُسقِمني ويشفينِ، ولكن غُيِّر إلى ما عليه النظم الكريم تفادياً عن إسناد ما تكرهه النفسُ إليه سبحانه، وليس المرادُ ببـيان قصدِ السبـيل مجردَ إعلامِ أنه مستقيمٌ حتى يصِحّ إسنادُ أنه جائرٌ إليه تعالى فيُحتاجَ إلى الاعتذار عن عدم ذلك، على أنه لو أريد ذلك لم يوجد لتغيـير الأسلوبِ نكتةٌ، وقد بُـين ذلك في مواضعَ غير معدودةٍ، بل المرادُ ما مر من نصب الأدلةِ لهداية الناسِ إليه ولا إمكانَ لإسناد مثلِه إليه تعالى بالنسبة إلى الطريق الجائر بأن يقالَ: وجائرُها حتى يصرفَ ذلك الإسنادُ منه تعالى إلى غيره لنكتة تستدعيه، ولا يتوهمه متوهمٌ حتى يقتضيَ الحالُ دفعَ ذلك بأن يقال: لا جائرُها، ثم يُغير سبكُ النظم عن ذلك لداعية أقوى منه بل الجملةُ الظرفيةُ اعتراضيةٌ جيء بها لبـيان الحاجةِ إلى البـيان والتعديل وإظهارِ جلالة قدرِ النعمة في ذلك، والمعنى: على الله تعالى بـيانُ الطريق المستقيم الموصلِ إلى الحق وتعديلُه بما ذكر من نصب الأدلةِ ليسلُكَه الناس باختيارهم ويصلوا إلى المقصِد، وهذا هو الهدايةُ المفسرة بالدلالة على ما يوصل إلى المطلوب لا الهدايةُ المستلزمةُ للاهتداء البتةَ، فإن ذلك مما ليس بحق على الله تعالى لا بحسب ذاته ولا بحسب رحمته، بل هو مُخلٌّ بحكمته حيث يستدعي تسويةَ المحسِن والمسيء والمطيعِ والعاصي بحسب الاستعدادِ وإليه أشير بقوله تعالى: { وَلَوْ شَآء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } أي لو شاء أن يهديَكم إلى ما ذكر من التوحيد هدايةً موصلةً إليه البتةَ مستلزِمةً لاهتدائكم أجمعين لفعل ذلك، ولكن لم يشأه لأن مشيئتَه تابعةٌ للحكمة الداعيةِ إليها، ولا حكمةَ في تلك المشيئةِ لِما أن الذي عليه يدور فلَكُ التكليفِ وإليه ينسحب الثوابُ والعقابُ إنما هو الاختيارُ الجُزئي الذي عليه يترتب الأعمالُ التي بها نيط الجزاءُ. هذا هو الذي يقتضيه المقامُ ويستدعيه حسنُ الانتظام، وقد فُسّر كونُ قصدِ السبـيل عليه تعالى بانتهائه إليه على نهج الاستقامةِ، وإيثارُ حرفِ الاستعلاءِ على أداة الانتهاءِ لتأكيد الاستقامةِ على وجه تمثيليَ من غير أن يكون هناك استعلاءٌ لشيء عليه سبحانه وتعالى عنه علواً كبـيراً كما في قوله تعالى: { { هَذَا صِرٰطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ } [الحجر، الآية 41] فالقصدُ مصدرٌ بمعنى الفاعل، والمرادُ بالسبـيل الجنسُ كما مر في قوله تعالى: { وَمِنْهَا جَائِرٌ } معطوفٌ على الجملة الأولى والمعنى أن قصدَ السبـيلِ واصلٌ إليه تعالى بالاستقامة وبعضُها منحرفٌ عنه ولو شاء لهداكم جميعاً إلى الأول، وأنت خبـيرٌ بأن هذا حقٌّ في نفسه ولكنه بمعزل عن نكتة موجبةٍ لتوسيطه بـين ما سبق من أدلة التوحيدِ وبـين ما لحِق، ولمّا بُـيِّن الطريقُ السمعيُّ للتوحيد على وجه إجماليَ وفصِّلَ بعضُ أدلتِه المتعلقة بأحوال الحيواناتِ، وعُقب ذلك ببـيان السرِّ الداعي إليه بعثاً للمخاطبـين على التأمل فيما سبق وحثًّا على حسن التلقي لما لحِق أُتبِع ذلك ذِكرَ ما يدل عليه من أحوال النبات فقيل:

{ هُوَ ٱلَّذِى أَنَزلَ } بقدرته القاهرة { مّنَ ٱلسَّمَاء } أي من السحاب أو من جانب السماء { مَاء } أي نوعاً منه وهو المطرُ، وتأخرُه عن المجرور لِما مر مراراً من أن المقصودَ هو الإخبارُ بأنه أنزل من السماء شيئاً هو الماء لا أنه أنزله من السماء، والسرُّ فيما سلف من أن عند تأخيرِ ما حقُّه التقديمُ يبقى الذهنُ مترقباً له مشتاقاً إليه فيتمكّن لديه عند وروده عليه فضلُ تمكن { لَّكُم منْهُ شَرَابٌ } أي ما تشربونه، وهو إما مرتفعٌ بالظرف الأول أو مبتدأٌ وهو خبرُه والجملةُ صفة لماءً، والظرفُ الثاني نصبَ على الحالية من شراب ومن تبعيضيةٌ وليس في تقديمه إيهامُ حصر المشروب فيه حتى يفتقر إلى الاعتذار بأنه لا بأس به لأن مياهَ العيون والأبـيارِ منه لقوله تعالى: { { فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى ٱلأَرْضِ } [الزمر، الآية 21] وقوله تعالى: { { فَأَسْكَنَّاهُ فِى ٱلأَرْضِ } [المؤمنون، الآية 18] وقيل: الظرفُ الأولُ متعلقٌ بأنزل والثاني خبرٌ لشرابٌ والجملةُ صفةٌ لماءً، وأنت خبـير بأن ما فيه من توسيط المنصوبِ بـين المجرورين وتوسيطِ الثاني منهما بـين الماء وصفتِه مما لا يليق بجزالة نظمِ التنزيلِ الجليل { وَمِنْهُ شَجَرٌ } من ابتدائيةٌ أي ومنه يحصل شجرٌ ترعاه المواشي، والمرادُ به ما ينبُت من الأرض سواءٌ كان له ساق أو لا، أو تبعيضيةٌ مجازاً لأنه لما كان سقيُه من الماء جعل كأنه كقوله:

أسنمةُ الآبالِ في ربابه

يعني به المطرَ الذي ينبت به الكلأُ الذي تأكله الإبلُ فتسمَن أسنمتُها، وفي حديث عكرِمة: (لا تأكُلوا ثمنَ الشجر فإنه سُحْت) يعني الكلأ { فِيهِ تُسِيمُونَ } ترون من سامت الماشيةُ وأسامها صاحبها، وأصلُها السُّومة وهي العلامةُ لأنها تؤثر بالرعي علاماتٍ في الأرض.

{ يُنبِتُ } أي الله عز وجل، وقرى بالنون { لَكُمْ بِهِ } بما أنزل من السماء { ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأعْنَـٰبَ } بـيان للنعم الفائضة عليهم من الأرض بطريق الاستئنافِ، وإيثارُ صيغةِ الاستقبالِ للدلالة على التجدد والاستمرار وأنها سنتُه الجاريةُ على مر الدهور، أو لاستحضار صورةِ الإنبات، وتقديمُ الظرفين على المفعول الصريحِ لما مر آنفاً مع ما في تقديم أولهما من الاهتمام به لإدخال المسرّةِ ابتداءً، وتقديمُ الزرعِ على ما عداه لأنه أصلُ الأغذية وعَمودُ المعاش، وتقديمُ الزيتون لما فيه من الشرف من حيث إنه إذام من وجه وفاكهة من وجه، وتقديم النخيل على الأعناب لظهور أصالتِها وبقائها، وجمع الأعناب للإشارة إلى ما فيها من الاشتمال على الأصناف المختلفةِ، وتخصيصُ الأنواعِ المعدودة بالذكر مع اندراجها تحت قولِه تعالى: { وَمِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ } للإشعار بفضلها وتقديمُ الشجر عليها مع كونه غذاءً للأنعام لحصوله بغير صنعٍ من البشر، أو للإرشاد إلى مكارم الأخلاقِ فإن مقتضاها أن يكون اهتمامُ الإنسان بأمر ما تحت يده أكملَ من اهتمامه بأمر نفسه، أو لأن أكثرَ المخاطَبـين من أصحاب المواشي ليس لهم زرعٌ ولا ثمرٌ، وقيل: المراد تقديمُ ما يسام لا تقديمُ غذائه فإنه غذاءٌ حيوانيّ للإنسان وهو أشرف الأغذية، وقرىء يَنبُت من الثلاثي مسنداً إلى الزرع وما عُطف عليه.

{ إِنَّ فِى ذَلِكَ } أي في إنزال الماءِ وإنباتِ ما فُصّل { لآيَةً } عظيمةً دالةً على تفرده تعالى بالألوهية لاشتماله على كمال العلمِ والقدرةِ والحكمة { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فإن من تفكر في أن الحبةَ أو النواة تقع في الأرض وتصِل إليها نداوةٌ تنفُذ فيها فينشق أسفلُها فيخرُج منه عروق تنبسط في أعماق الأرضِ، وينشق أعلاها وإن كانت منتكِسةً في الوقوع ويخرج منه ساقٌ فينمو ويخرج منه الأوراقُ والأزهارُ والحبوبُ والثمار المشتملةُ على أجسام مختلفةِ الأشكال والألوان والخواصِّ والطبائع، وعلى نواة قابلةٍ لتوليد الأمثالِ على النمط المحرر لا إلى نهاية مع اتحاد الموادِّ واستواءِ نسبة الطبائعِ السفلية والتأثيراتِ العلوية بالنسبة إلى الكل، علم أن مَنْ هذه أفعالُه وآثارُه لا يمكن أن يشبهه شيءٌ في شيء من صفات الكمال فضلاً عن أن يشاركه أخسُّ الأشياء في أخص صفاتِه التي هي الألوهيةُ واستحقاقُ العبادة تعالى عن ذلك علواً كبـيراً، وحيث افتقر سلوكُ هذه الطريقةِ إلى ترتيب المقدّماتِ الفكرية قطَع الآيةَ الكريمةَ بالتفكر.