التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى
١٢٩
-طه

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

قوله تعالى: { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ } كلامٌ مستأنفٌ سيق لبـيان حِكمة عدمِ وقوعِ ما يُشعر به قوله تعالى: { أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ } الآية، من أن يصيبَهم مثلُ ما أصاب القرونَ المهلَكة، أي ولولا الكلمةُ السابقةُ وهي العِدَةُ بتأخير عذابِ هذه الأمة إلى الآخرة لحكمة تقتضيه ومصلحةٍ تستدعيه { لَكَانَ } عقابُ جناياتِهم { لِزَاماً } أي لازماً لهؤلاء الكفرةِ بحيث لا يتأخر عن جناياتهم ساعةً لزومُ ما نزل بأولئك الغابرين، وفي التعرض لعنوان الربوبـيةِ مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام تلويحٌ بأن هذا التأخيرَ لتشريفه عليه السلام كما ينبىء عنه قوله تعالى: { { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } [الأنفال: 33] واللِّزامُ إما مصدرٌ لازمٌ وُصِف به مبالغةً وإما فِعالٌ بمعنى مِفْعل، جُعل آلةَ اللزوم لفَرْط لزومه كما يقال: لِزازُ خصم { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } عطف على (كلمةٌ) أي ولولا أجلٌ مسمًّى لأعمارهم أو لعذابهم وهو يومُ القيامة ويومُ بدر لما تأخر عذابُهم أصلاً، وفصلُه عما عطف عليه للمسارعة إلى بـيان جوابِ لولا وللإشعار باستقلال كلَ منهما بنفي لزومِ العذابِ ومراعاةِ فواصلِ الآيةِ الكريمةِ، وقد جوّز عطفُه على المستكن في كان العائدِ إلى الأخذ العاجلِ المفهومِ من السياق تنزيلاً للفصل بالخبر منزلةَ التأكيد، أي لكان الأخذُ العاجلُ وأجلٌ مسمى لازمَين لهم كدأب عادٍ وثمودَ وأضرابِهم ولم ينفرد الأجلُ المسمى دون الأخذِ العاجل.