التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ
٣
-الحج

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ } كلامٌ مبتدأٌ جيءَ به إثرَ بـيانِ عظمِ شأنِ السَّاعةِ المُنبئةِ عن البعثِ بـياناً لحالِ بعضِ المُنكرينَ لها. ومحلُّ الجارِّ الرَّفعُ على الابتداءِ إمَّا بحملِه على المعنى أو بتقديرِ ما يتعلَّقُ به كما مرَّ مراراً، أي وبعضُ النَّاسِ أو وبعضٌ كائنٌ من النَّاس { مَن يُجَـٰدِلُ فِى ٱللَّهِ } أي في شأنِه تعالى ويقولُ فيه ما لا خيرَ فيه من الأباطيلِ وقوله تعالى: { بِغَيْرِ عِلْمٍ } حالٌ من ضمير يجادلُ موضحة لما يشعرُ بها المجادلة من الجهلِ أي مُلابساً بغيرِ علمٍ. رُوي أنَّها نزلتْ في النَّضرِ بنِ الحارثِ وكان جَدَلاً يقولُ: الملائكةُ بناتُ الله والقرآنُ أساطيرُ الأولينَ ولا بعثَ بعد الموتِ وهي عامَّة له ولأضرابِه من العُتاةِ المُتمرِّدين { وَيَتَّبِعْ } أي فيما يتعاطاهُ من المُجادلةِ أو في كلِّ ما يأتي وما يذرُ من الأمورِ الباطلةِ التي من جُملتِها ذلك { كُلَّ شَيْطَـٰنٍ مَّرِيدٍ } عاتٍ متمرِّدٍ متجرِّدٍ للفسادِ. وأصلُه العريُ المنبىءُ عن التمحضِ له كالتِّشمرِ ولعله مأخوذٌ من تجرُّدِ المصارعينَ عند المُصارعة قال الزَّجَّاجُ: المريدُ والماردُ المرتفعُ الأملسُ، والمرادُ إمَّا رُؤساءُ الكَفَرةِ الذين يَدْعُون مَن دونَهُم إلى الكفرِ وإمَّا إبليسُ وجنودُه.