التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
٧٩
وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٨٠
بَلْ قَالُواْ مِثْلَ مَا قَالَ ٱلأَوَّلُونَ
٨١
قَالُوۤاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
٨٢
لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٨٣
قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٨٤
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
٨٥
-المؤمنون

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَهُوَ ٱلَّذِى ذَرَأَكُمْ فِى ٱلأَرْضِ } أي خلقَكم وبثَّكم فيها بالتَّناسلِ { وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي تُجمعون يومَ القيامةِ بعد تفرُّقكم لا إلى غيرِه فما لكُم لا تُؤمنون به ولا تَشكرونَهُ.

{ وَهُوَ ٱلَّذِى يُحىِ وَيُمِيتُ } من غير أنْ يشاركَه في ذلك شيءٌ من الأشياءِ { وَلَهُ } خاصَّةً { ٱخْتِلَـٰفُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي هُو المؤثِّرُ في اختلافِهما أي تعاقبِهما أو اختلافِهما ازدياداً وانتِقاصاً أو لأمرِه وقضائِه اختلافُهما { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي ألا تتفكَّرون فلا تعقلون أو أتتفكَّرون فلا تعقلونَ بالنَّظرِ والتَّأمُّلِ أنَّ الكُلَّ منَّا وأنَّ قدرتَنا تعمُّ جميعَ الممكناتِ التي من جُملتِها البعثُ. وقُرىء يعقلونَ على أنَّ الالتفاتَ إلى الغَيبةِ لحكايةِ سوء حالِ المُخاطبـين لغيرِهم، وقيل: على أنَّ الخطابَ الأَوَّلَ لتغليبِ المؤمنينَ وليس بذاكَ.

{ بَلْ قَالُواْ } عطفٌ على مضمرٍ يقتضيهِ المقامُ أي فلم يعقلُوا بل قالُوا { مِثْلَ مَا قَالَ ٱلأَوَّلُونَ } أي آباؤُهم ومَن دان بدينِهم.

{ قَالُواْ أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ } تفسيرٌ لما قبله من المُبهم وتفصيلٌ لما فيهِ من الإجمالِ وقد مرَّ الكلامُ فيه.

{ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَءابَاؤُنَا هَـٰذَا } أي البعثَ { مِن قَبْلُ } متعلِّقٌ بالفعلِ من حيثُ إسنادُه إلى آبائِهم لا إليهم أي ووُعد آباؤُنا من قبل. أو بمحذوفٍ وقعَ حالاً من آباؤنا أي كائنينَ من قبلُ.

{ إِنَّ هَذَا } أي ما هذا { إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي أكاذيبُهم التي سَطَرُوها جمع أُسطورةٍ كأُحدوثةٍ وأُعجوبةٍ. وقيل: جمعُ أسطارٍ جمعُ سطرٍ.

{ قُل لّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَا } من المخلوقاتِ تغليباً للعُقلاءِ على غيرِهم { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } جوابُه محذوفٌ ثقةً بدلالة الاستفهامِ عليه أي إنْ كنتُم تعلمون شيئاً فأخبرونِي به، فإنَّ ذلك كافٍ في الجوابِ. وفيه من المُبالغةِ في وضوحِ الأمرِ وفي تجهيلِهم ما لا يَخْفى أو إنْ كنتُم تعلمون ذلكَ فأخبرونِي وفيه استهانةٌ بهم وتقريرٌ لجهلِهم ولذلك أخبرَ بجوابهم قبل أنْ يُجيبوا حيثُ قيل: { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } لأنَّ بديهةَ العقلِ تضطرُّهم إلى الاعترافِ بأنَّه تعالى خالقُها.

{ قُلْ } أي عندَ اعترافِهم بذلك تبكيتاً لهم { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي أتعلمون ذلكَ أو تقولون ذلكَ فلا تتذكَّرون أنَّ مَن فطرَ الأرضَ وما فيها ابتداءً قادرٌ على إعادتها ثانياً فإنَّ البَدْءَ ليس بأهونَ من الإعادةِ بلِ الأمرُ بالعكس في قياس العقولِ. وقُرىء تتذكَّرون على الأصل.