التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ
٨٦
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٨٧
قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٨٨
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ
٨٩
بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
٩٠
مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
٩١
-المؤمنون

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } أُعيد الرَّبُّ تنويهاً لشأن العرش ورفعاً لمحلِّه عن أن يكونَ تبعاً للسَّمواتِ وجُوداً وذِكراً، ولقد رُوعي في الأمر بالسُّؤال التَّرقِّي من الأدنى إلى الأعلى { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } باللامِ نظراً إلى معنى السُّؤالِ فإنَّ قولك: مَن رَبُّه ولمنْ هُو في معنى واحدٍ. وقُرىء هُو وما بعدَهُ بغير لامٍ نظراً إلى لفظ السُّؤالِ.

{ قُلْ } إفحاماً لهم وتوبـيخاً { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي تعلمون ذلك ولا تقُون أنفسَكم عقابَهُ بعدم العمل بموجب العلم حيثُ تكفرون به وتُنكرون البعث وتُثبتون له شريكاً في الرُّبوبـيَّةِ.

{ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَىْء } ممَّا ذُكر وما لم يُذكرْ أي ملكه التَّامُّ القاهرُ وقيل: خزائنُه { وَهُوَ يُجْيِرُ } أي يُغيث غيرَه إذا شاء { وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي ولا يُغيث أحدٌ عليه أي لا يُمنع أحدٌ منه بالنَّصر عليه { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي شيئاً ما أو ذلك فأجيبُوني على ما سبق { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } أي لله ملكوتُ كلِّ شيءٍ وهو الذي يجيرُ ولا يُجارُ عليه { قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } أي فمِن أين تُخدعون وتُصرفون عن الرُّشدِ مع علمكم به إلى ما أنتُم عليه من الغيِّ فإنَّ مَن لا يكونُ مسحوراً مختلَّ العقل لا يكونُ كذلك.

{ بَلْ أَتَيْنَـٰهُمْ بِٱلْحَقّ } الذي لا محيدَ عنه من التَّوحيدِ والوعد بالبعث { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } فيما قالُوا من الشِّركِ وإنكار البعث.

{ مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ } كما يقوله النَّصارى والقائلون إنَّ الملائكةَ بناتُ الله تعالى عن ذلك عُلوًّا كبـيراً { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } يُشاركه في الأُلوهيَّةِ كما يقوله عَبَدَةُ الأوثانِ وغيرُهم { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ } جوابٌ لمحاجَّتِهم، وجزاءٌ لشرطٍ قد حُذف لدلالةِ ما قبله عليه أي لو كان معه آلهةٌ كما يزعمون لذهبَ كلُّ واحدٍ منهم بما خلقَه واستبدَّ به وامتاز ملكُه عن مُلك الآخرينَ ووقع بـينهم التَّغالبُ والتَّحارُبُ كما هُو الجاري فيما بـينَ المُلوكِ { وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } فلم يكن بـيدِه وَحْدَهُ ملكوتُ كلِّ شيءٍ وهو باطلٌ لا يقولُ به عاقلٌ قط مع قيام البُرهان على استناد جميعِ المُمكنات إلى واجبِ الوجودِ واحد بالذَّاتِ { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } أي يصفونَهُ من أنْ يكون له أندادٌ وأولادٌ.