التفاسير

< >
عرض

ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٢٦
-النور

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

قولُه تعالى: { ٱلْخَبِيثَـٰتُ } الخ، كلامٌ مستأنفٌ مسوقٌ على قاعدةِ السنَّةِ الإلٰهيةِ الجاريةِ فيما بـين الخلقِ على موجب أنَّ لله تعالى مَلَكاً يسوقُ الأهلَ إلى الأهلِ أي الخبـيثاتُ من النِّساءِ { لِلْخَبِيثِينَ } من الرِّجال أي مختصَّاتٌ بهم لا يكَدْنَ يتجاوزْنَهم إلى غيرِهم على أنَّ اللامَ للاختصاصِ { وَٱلْخَبِيثُونَ } أيضاً { لِلْخَبِيثَـٰتِ } لأنَّ المُجانسةَ من دَوَاعي الانضمامِ { وَٱلطَّيّبَـٰتُ } منهنَّ { لِلطَّيّبِينَ } منهم { وَٱلطَّيّبُونَ } أيضاً { لِلْطَّيّبَـٰتِ } منهنَّ بحيثُ لا يكادُون يجاوزوهنَّ إلى من عداهنَّ وحيثُ كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أطيبَ الأطيبـينِ وخيرةَ الأوَّلين والآخرين تبـين كونُ الصِّدِّيقةِ رضي الله عنها من أطيب الطَّيباتِ بالضَّرورةِ واتَّضح بطلانُ ما قيل في حقِّها من الخُرافاتِ حسبما نطقَ به قولُه تعالى: { أُوْلَـئِكَ مُبَرَّءونَ مِمَّا يَقُولُونَ } على أنَّ الإشارةَ إلى أهلِ البـيتِ المنتظِمين للصِّدِّيقةِ انتظاماً أوَّليًّا، وقيل: إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم والصِّدِّيقةِ وصفوانَ، وما في اسمِ الإشارةِ من معنى البُعد للإيذان بعلُّوِ رُتبة المشارِ إليهم وبُعد منزلتِهم في الفضلِ أي أولئك الموصُوفون بعلُّوِ الشَّأنِ مُبرَّءون ممَّا تقوَّله أهلُ الإفكِ في حقِّهم من الأكاذيبِ الباطلةِ. وقيل: الخبـيثاتُ من القولِ للخبـيثينَ من الرِّجالِ والنِّساءِ أي مختصَّة ولائقة بهم لا ينبغي أنْ تُقال في حقِّ غيرِهم وكذا الخبـيثون من الفريقين أحِقَّاءُ بأنْ يُقال في حقِّهم خبائثُ القول والطَّيباتُ من الكلم للطَّيبـين من الفريقينِ مختصَّةٌ وحقيقة بهم وهم أحِقَّاءُ بأنْ يُقال في شأنهم طيِّباتُ الكلمِ أولئك الطَّيبون مبرَّءون ممَّا يقول الخبـيثون في حقِّهم فمآلُه تنزيهُ الصِّدِّيقةِ أيضاً، وقيل: خبـيثاتُ القول مختصَّةٌ بالخبـيثين من فريقَيْ الرِّجالِ والنِّساءِ لا تصدرُ عن غيرِهم والخبـيثون من الفريقينِ مختصُّون بخبائث القولِ متعرِّضُون لها والطَّيباتُ من الكلام للطَّيبـين من الفريقينِ أي مختصَّةٌ بهم لا تصدرُ عن غيرِهم والطَّيبون من الفريقينِ مختصُّون بطيِّباتِ الكلامِ لا يصدرُ عنهم غيرُها أولئك الطَّيبون مبرَّءون ممَّا يقولُه الخبـيثون من الخبائثِ أي لا يصدرُ عنهم مثلُ ذلك فمآلُه تنزيهُ القائلينِ سبحانَك هذا بهتانٌ عظيمٌ { لَهُم مَّغْفِرَةٌ } عظيمةٌ لما لا يخلُو عنه البشرُ من الذُّنوب { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } هو الجنَّةُ.