التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٥٩
-النور

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ } لمَّا بـيِّن فيما مرَّ آنفاً حكمَ الأطفالِ في أنَّه لا جناح عليهم في ترك الاستئذانِ فيما عدا الأوقاتِ الثلاثة عقب ببـيان حالِهم بعد البلوغِ دفعاً لمَا عسى يُتوهم أنَّهم وإنْ كانُوا أجانبَ ليسُوا كسائرِ الأجانبِ بسببِ اعتيادهم الدُّخولَ أي إذا بلغَ الأطفالُ الأحرارُ الأجانبُ { فَلْيَسْتَأْذِنُواْ } إذا أرادُوا الدخولَ عليكم وقوله تعالى: { كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } في حيِّز النَّصبِ على أنَّه نعتٌ لمصدر مؤكِّد للفعل السَّابقِ والموصول عبارةٌ عمَّن قيل لهم: { { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } [النور: 27] الآية، ووصفهم بكونِهم قبل هؤلاء باعتبار ذكرِهم قبل ذكرِهم لا باعتبار بلوغِهم قبل بلوغِهم كما قيل لما أنَّ المقصودَ بالتشبـيه بـيانُ كيفيَّةِ استئذان هؤلاءِ وزيادةُ إيضاحِه ولا يتسنَّى ذلك إلا بتشبـيهِه باستئذانِ المعهودين عند السَّامعِ ولا ريبَ في أنَّ بلوغهم قبلَ بلوغِ هؤلاءِ مما لا يخطُر ببال أحدٍ وإنْ كان الأمرُ كذلك في الواقع وإنَّما المعهودُ المعروفُ ذكرهم قبلَ ذكرِهم أي فليستأذنُوا استئذاناً كائناً مثل استئذانِ المذكورينَ قبلهم بأنْ يستأذنُوا في جميع الأوقاتِ ويرجعُوا إنْ قيل لهم: ارجعُوا حسبما فُصِّل فيما سلف { كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءايَـٰتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } الكلامُ فيه كالذي سبقَ والتَّكريرُ للتأكيد والمبالغةِ في الأمر بالاستئذانِ، وإضافةُ الآياتِ إلى ضمير الجلالةِ لتشريفها.