التفاسير

< >
عرض

قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١١٢
إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ
١١٣
وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١١٤
إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
١١٥
قَالُواْ لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ
١١٦
قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ
١١٧
فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١١٨
-الشعراء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ قَالَ وَمَا عِلْمِى بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } جواب عَّما أُشير إليه من قولهم إنَّهم لم يُؤمنوا عن نظرٍ وبصيرةٍ أي وما وظيفتي إلاَّ اعتبارُ الظَّواهرِ وبناءُ الأحكامِ عليها دون التَّفتيشِ عن بواطنهم والشَّقِّ عن قلوبهم.

{ إِنْ حِسَابُهُمْ } أي ما محاسبةُ أعمالِهم والتَّنقيرُ عن كيفَّياتِها البارزةِ والكامنةِ. { إِلاَّ عَلَىٰ رَبّى } فإنَّه المُطَّلعُ على السَّرائرِ والضَّمائرِ { لَوْ تَشْعُرُونَ } أي بشيءٍ من الأشياءِ أو لو كنتُم من أهلِ الشُّعور لعلمتم ذلك ولكنَّكم لستُم كذلك فتقولون ما تقولُون.

{ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } جواب عمَّا أوهمُه كلامُهم من استدعاءِ طردِهم وتعليقِ إيمانِهم بذلك حيثُ جعلوا اتِّباعَهم مانعاً عنه.

وقوله: { إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } كالعلَّةِ أي ما أنَا رسولٌ مبعوثٌ لإنذار المكلَّفين وزجرهِم عن الكفر والمعاصي سواءً كانُوا من الأعزَّاء أو الأذِلاَّء فكيف يتسنَّى لي طرد الفُقراء لاستتباع الأغنياءِ، أو ما عليَّ إلاَّ إنذارُكم بالبرهان الواضحِ وقد فعلتُه وما عليَّ استرضاءُ بعضِكم بطردِ الآخرين.

{ قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يٰنُوحٌ } عمَّا تقول { لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُرْجُومِينَ } من المشتُومين أو المرميـين بالحجارةِ قالوه قاتلهم الله تعالى في أواخرِ الأمرِ.

ومعنى قوله تعالى: { قَالَ رَبّ إِنَّ قَوْمِى كَذَّبُونِ } تمُّوا على تكديبـي وأصرُّوا على ذلك بعد ما دعوتُهم هذه الأزمنةَ المُتطاولة ولم يزدهم دعائي إلا فراراً كما يُعرب عنه دُعاؤْه بقولِه { فَٱفْتَحْ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً } أي أحكُم بـيننا بما يستحقُّه كلُّ واحدٍ منَّا وهذه حكايةٌ إجماليةٌ لدعائِه المفصَّل في سورة نوحٍ عليه السَّلامُ { وَنَجّنِى وَمَن مَّعِى مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي من قصدِهم أو من شؤمِ أعمالِهم.