التفاسير

< >
عرض

وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ
١٢٩
وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ
١٣٠
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
١٣١
وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ
١٣٢
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ
١٣٣
وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
١٣٤
إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
١٣٥
قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ
١٣٦
إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ
١٣٧
-الشعراء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ } أي مآخذَ الماءِ وقيل: قُصوراً مشيَّدة وحصوناً { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } أي راجين أنْ تُخلدوا في الدُّنيا أي عاملين عملَ مَنْ يرجُو ذلك فلذلك تحكمُون بنيانها.

{ وَإِذْا بَطَشْتُمْ } بسوطٍ أو سيفٍ { بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } متسلِّطين غاشمينَ بلا رأفةٍ ولا قصدِ تأديبٍ ولا نظرٍ في العاقبةِ.

{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } واتركُوا هذه الأفعالَ { وَأَطِيعُونِ } فيما أدعُوكم إليه فإنَّه أنفعُ لكم.

{ وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِى أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ } من أنواع النَّعماء وأصنافِ الآلاءِ، أجملَها أوَّلاً ثم فصَّلها بقوله { أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَـٰمٍ وَبَنِينَ } بإعادة الفعل لزيادةِ التَّقريرِ فإنَّ التَّفصيلَ بعد الإجمال والتَّفسيرَ إثر الإبهامِ أدخلُ في ذلك.

{ وَجَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ * إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ } إنْ لم تقوموا بشكرِ هذهِ النِّعم { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }في الدُّنيا والآخرةِ فإنَّ كُفران النِّعمةِ مستتبعٌ للعذاب كما أنَّ شكرَها مستلزمٌ لزيادتِها قال تعالى: { { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ } } [سورة إبراهيم: الآية 7] { قَالُواْ سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مّنَ ٱلْوٰعِظِينَ } فإنَّا لنْ نرعويَ عمَّا نحن عليه، وتغيـيرُ الشِّقِّ الثِّاني عن مقابله للمبالغة في بـيان قلَّةِ اعتدادِهم بوعظه كأنَّهم قالُوا أم لم تكُن من أهلِ الوعظ ومباشريهِ أصلاً.

{ إِنَّ هَذَا } ما هذا الذي جئتنا به{ إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } أي عاداتُهم كانوا يلفِّقون مثلَه ويسطرونَه أو ما هذا الذي نحنُ عليه من الدِّين إلاَّ خُلُق الأولين وعادتهم ونحن بهم مقتدون أو ما هذا الذي نحن عليه من الموتِ والحياةِ إلا عادةٌ قديمةٌ لم يزل النَّاسُ عليها. وقُرىء خَلْق الأوَّلين بفتح الخاء أي اختلافُ الأولَّينَ كما قالوا أساطيرُ الأوَّلينَ أو ما خلقُنا هذا إلا خلقُهم نحيا كما حيُوا ونموت كما ماتُوا ولا بعثَ ولا حسابَ.