التفاسير

< >
عرض

قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ
٣٦
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ
٣٧
فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ
٣٨
وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ
٣٩
لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ
٤٠
فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ
٤١
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
٤٢
قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ
٤٣
فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ
٤٤
-الشعراء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ } أخِّر أمرهما، وقيل: احبسهُما { وَٱبْعَثْ فِى ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ } أي شُرَطاً يحشرُون السَّحرةَ.

{ يَأْتُوكَ } أي الحَاشرون { بِكُلّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ } فائقٍ في فنِّ السِّحرِ، وقُرىء بكلِّ ساحرٍ.

{ فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَـٰتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } هو ما عيَّنه مُوسى عليه السَّلامُ بقوله: { { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } [سورة طه: الآية 59] { وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ } قيل لهم ذلك استبطاءً لهم في الاجتماعِ وحثّاً لهم على المُبَادرة إليه.

{ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَـٰلِبِينَ } أي نتبعهم في دينِهم إنْ كانُوا هم الغالبـين لا مُوسى عليه السَّلامُ وليس مرادُهم بذلك أنْ يتَّبعوا دينَهم حقيقةً وإنَّما هو أنْ لا يتَّبعوا مُوسى عليه السَّلامُ لكنَّهم ساقُوا كلامَهم مساقَ الكنايةِ حَمْلاً لهم على الاهتمامِ والجِدَّ في المُغالبة.

{ فَلَمَّا جَاء ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أئِنَّ لَنَا لأجْرًا } أي أجراً عظيماً { إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَـٰلِبِينَ } لا مُوسى عليه السَّلامُ.

{ قَالَ نَعَمْ } لكُم ذلك { { وَإِنَّكُمْ } [سورة الشعراء: الآية 42] مع ذلك { إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } عندي قيل قال لهم تكونُون أوَّلَ من يدخلُ عليَّ وآخرَ مَن يخرجُ عنِّي، وقُرىء نعِم بكسرِ العين وهُما لغُتانِ.

{ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ } أي بعدما قالَ له السَّحرةُ إمَّا أنْ تلقيَ وإمَّا أنْ نكونَ أوَّلَ منَ ألقَى. { أَلْقُواْ مَا أَنتُمْ مُّلْقُونَ } ولم يُرد به الأمرَ بالسِّحرِ والتَّمويهَ بل الإذنَ في تقديمِ ما هُم فاعلُوه البتةَ توسُّلاً به إلى إظهارِ الحقِّ وإبطالِ الباطلِ.

{ فَأَلْقَوْاْ حِبَـٰلَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ } أي وقد قالُوا عند الإلقاءِ { بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } قالُوا ذلك لفرطِ اعتقادِهم في أنفسِهم وإتيانِهم بأقصى ما يُمكن أنْ يُؤتى به من السِّحرِ.