التفاسير

< >
عرض

كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
٥٩
فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ
٦٠
فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ
٦١
قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ
٦٢
فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ
٦٣
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ
٦٤
وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ
٦٥
-الشعراء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ كَذٰلِكَ } إمَّا مصدرٌ تشبـيهيٌّ لأخرجنا أي مثلَ ذلك الإخراجِ العجيبِ أخرجناهُم أو صفة لمقام كريم أي من مقامٍ كريمٍ كائنٍ كذلك أو خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ أي الأمرُ كذلك { وَأَوْرَثْنَـٰهَا بَنِى إِسْرٰءيلَ } أي ملَّكناها إيَّاهم على طريقةِ تمليكِ مالِ المورَّثِ للوارثِ كأنَّهم ملكُوها من حينِ خروجِ أربابِها منها قبل أنْ يقبضُوها ويتسلَّموها { فَأَتْبَعُوهُم } أي فلحقُوهم، وقُرىء فاتَّبعوهم { مُشْرِقِينَ }داخلينَ في وقتِ شُروق الشَّمسِ أي طُلوعِها.

{ فَلَمَّا تَرَاءا ٱلْجَمْعَانِ } تقارَبا بحيثُ رأى كلُّ واحد منهما الآخرَ وقُرىء تَراءتِ الفئتانِ { قَالَ أَصْحَـٰبُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } جاءوا بالجملةِ الاسميةِ مؤكَّدة بحرفَيّ التَّأكيدِ للدِّلالةِ على تحقُّقِ الإدراك واللحاقِ وتنجُّزهما. وقُرىء لمدَّركُون بتشديد الدَّالِ من ادَّراك الشَّيءُ إذا تتابعَ ففنيَ أي لمتتابعون في الهلاكِ على أيديهم.

{ قَالَ كَلاَّ } ارتدِعُوا عن ذلك فإنَّهم لا يُدركونكُم { إِنَّ مَعِىَ رَبّى } بالنَّصرةِ والهدايةِ. { سَيَهْدِينِ } ألبتةَ إلى طريق النَّجاةِ منُهم بالكلَّية. رُوي أَنَّ يُوشعِ عليه السَّلامُ قال يا كليَم الله أين أُمرتَ فقد غشِيَنا فرعونُ والبحرُ أمامَنا قال عليه السَّلامُ ههُنا فخاضَ يوشعُ عليه السَّلامُ الماءَ وضَرب مُوسى عليه السَّلامُ بعصاهُ البحرَ فكانَ ما كانَ. ورُوي أنَّ مؤمناً من آل فرعونَ كان بـين يَدَيْ مُوسى عليه السَّلامُ فقال أينَ أُمرت فهذا البحرُ أمامَك وقد غشيك آلُ فرعونَ قال عليه السَّلامُ أُمرتُ بالبحر ولعلي أُومر بما أصنعُ فأمر بما أُمر بهِ. وذلك قولُه تعالى { فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى أَنِ ٱضْرِب بّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } القُلزمِ أو النِّيلَ { فَٱنفَلَقَ } الفاء فصيحةٌ أي فضربَ فانفلق فصارَ اثني عشر فِرقاً بعددِ الأسباطِ بـينهنّ مسالكُ { فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ } حاصلٍ بالانفلاق { كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } كالجبلِ المُنيف الثَّابتِ مقرِّه فدخلُوا في شعابِها، كلُّ سِبْطٍ في شعبٍ منها.

{ وَأَزْلَفْنَا } أي قرَّبنا { ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } أي فرعونَ وقومَه حتَّى دخلُوا على أثرِهم مداخلَهم.

{ وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } بحفظِ البحرِ على تلك الهيئةِ إلى أنْ عبرُوا إلى البرِّ.