التفاسير

< >
عرض

وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ
٦٩
إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ
٧٠
قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ
٧١
قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ
٧٢
-الشعراء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ } عطف على المضمرِ المقدَّر عاملاً لإذ نادى الخ أي واتل على المشركينَ { نَبَأَ إِبْرٰهِيمَ } أي خبَره العظيمَ الشَّأنِ حسبما أُوحيَ إليك لتقف على ما ذُكر من عدمِ إيمانِهم بما يأتيهم من الآيات بأحد الطَّريقين { إِذْ قَالَ } منصوب إما على الظَّرفيةِ للنبأ أي نبأه وقت قوله { لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ } أي على المفعولية لاتلُ على أنَّه بدلٌ من نبأ أي واتلُ عليهم وقت قوله لهم { مَا تَعْبُدُونَ } على أنَّ المتلو ما قاله لهم في ذلك الوقتِ سألهم عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن ذلك ليبني على جوابِهم أنَّ ما يعبدونَهُ بمعزولٍ من استحقاقِ العبادةِ بالكُلِّية.

{ قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَـٰكِفِينَ } لم يقتصرُوا على الجواب الكافي بأنْ يقولُوا أصناماً كما في قوله تعالى: { { يَسْـئَلُونَكَ مَاذا يُنْفِقُونَ قُل ٱلعَفو } [سورة البقرة: الآية 219] وقوله تعالى: { { مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا } [سورة النحل: الآية 30] ونظائرهما، بل أطنبُوا فيه بإظهار الفعلِ. وعطفُ دوامِ عكوفهم على أصنامِهم قصداً إلى إبرازِ ما في نفوسِهم الخبـيثةِ من الابتهاجِ والافتخارِ بذلك، والمرادُ بالظلول الدَّوامُ وقيل: كانُوا يعبدونَها بالنَّهارِ دُون اللَّيلِ، وصلة العكوف كلمةُ عَلَى. وإيرادُ اللاَّمِ لإفادةِ معنى زائدٍ كأنَّهم قالوا فنظلُّ لأجلِها مُقبلين على عبادتها أو مستديرين حولَها وهذا أيضاً من جُملة إطنابِهم.

{ قَالَ } استئنافٌ مبنيٌّ على سؤالِ نشأ من تفصيلِ جوابهم { هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ } أي هل يسمعُون دعاءَكم على حذف المضافِ أو يسمعونكم تدعُون كقولك سمعتُ زَيْداً يقول كيتَ وكيتَ فخذف لدلالةِ قوله تعالى: { إِذْ تَدْعُونَ } عليه. وقُرىء هل يُسمعونكم من الإسماع أي هل يُسمعونكم شيئاً من الأشياءِ أو الجواب عن دعائكم وهل يقدِرون على ذلك. وصيغةُ المضارعِ من إذ على حكايةِ الحالِ الماضيةِ لاستحضار صُورتِها كأنَّه قيل لهم: استحضُروا الأحوالَ الماضيةَ التي كنتُم تدعونها فيها وأجيبُوا هل سمعُوا أو أسُمعوا قط.