التفاسير

< >
عرض

تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٢٧
-آل عمران

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ تُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلْنَّهَارِ } أي تُدخِله فيه بتعقيبه إياه أو بنقص الأول وزيادةِ الثاني { وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِى ٱلَّيْلِ } على أحد الوجهين { وَتُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } أي تنشىء الحيواناتِ من موادها أو من النطفة، وقيل: تخرِجُ المؤمنَ من الكافر { وَتُخْرِجُ ٱلَمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىِّ } أي تخرج النطفة من الحيوان وقيل: تخرج الكافر من المؤمن { وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } قال أبو العباس المَقَّرِي: ورد لفظُ الحساب في القرآن على ثلاثة أوجهٍ بمعنى التعب قال تعالى: { وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } [آل عمران، الآية 27] وبمعنى العدد قال تعالى: { { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر، الآية 10] وبمعنى المطالبة قال تعالى: { { فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ص، الآية 39] والباء متعلقة بمحذوف وقع حالاً من فاعل ترزق أو من مفعوله وفيه دَلالةٌ على أن من قدَر على أمثال هاتيك الأفاعيلِ العظامِ المحيِّرة للعقول والأفهام فقُدرته على أن ينزعَ الملكَ من العجم ويُذِلهم ويُؤتيَه العربَ ويُعِزَّهم أهونُ من كل هيّن. عن علي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن فاتحة الكتاب وآيةَ الكرسيِّ وآيتين من آل عمران شهد الله أنه { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } إلى قوله تعالى: { إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ } [آل عمران، الآية 18، 19] و{ قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلْمُلْكِ } إلى قوله: { بِغَيْرِ حِسَابٍ } [آل عمران، الآية 26، 27] معلقاتٌ ما بـينهن وبـين الله تعالى حجابٌ، قلن: يا رب تُهبِطُنا إلى أرضك وإلى من يعصيك؟ قال الله تعالى: إني حلفت أنه لا يقرؤكُنّ أحدٌ دُبُرَ كُلِّ صلاةٍ إلا جعلتُ الجنّةَ مثواه على ما كان منه وأسكنتُه في حظيرة القدس، ونظرت بعيني كل يوم سبعين مرةً وقضيتُ له سبعين حاجة أدناها المغفرة، وأعذتُه من كل عدو وحاسدٍ، ونصرتُه عليهم" وفي بعض الكتب: (أنا الله ملكُ الملوك، قلوبُ الملوكِ ونواصِيهم بـيدي فإنِ العبادُ أطاعوني جعلتهم لهم رحمة وإنِ العبادُ عصَوْني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسبِّ الملوك ولكن توبوا إليَّ أُعطِّفْهم عليكم). وهو معنى قوله عليه السلام: "كَما تَكُونُوا يُولَّ عَلَيْكُم" «.