التفاسير

< >
عرض

وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ
٢٦
وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٢٧
-الروم

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَلَهُ } خاصة { مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْض } من الملائكةِ والثَّقلين خَلقاً ومُلكاً وتصرُّفاً ليس لغيرِه شركةٌ في ذلك بوجهٍ من الوجوه { كُلٌّ لَّهُ قَـٰنِتُونَ } أي منقادُون لفعله لا يمتنعون عليه في شأنٍ من شؤونِه تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِى يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } بعد موتِهم، وتكريرُه لزيادةِ التَّقريرِ والتَّمهيدِ لما بعده من قولِه تعالى: { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } أي بالإضافةِ إلى قُدَرِكم والقياس على أصولِكم وإلا فُهما عليه سواءٌ وقيل أهونُ بمعنى هَيِّنٌ، وتذكير الضمير مع رجوعِه إلى الإعادة لما أنَّها مؤَّولةٌ بأنْ يُعيد وقيل: هو راجعٌ إلى الخلقِ وليس بذاك، وأما ما قيل من أنَّ الإنشاء بطريقِ التَّفضل الذي يتخيَّر فيه الفاعلُ بـين الفعل والتَّرك، والإعادةُ من قبـيلِ الواجبِ الذي لا بدَّ من فعله حتماً فكان أقربَ إلى الحصولِ من الإنشاءِ المترددِ بـين الحصولِ وعدمِه فبمعزلٍ من التَّحصيل إذ ليس المرادُ بأهونيةِ الفعل أقربـيَّتَه إلى الوجود باعتبار كثرةِ الأمورِ الدَّاعية للفاعل إلى إيجادِه وقوَّة اقتضائها لتعلق قدرته به بل أسهلية تأتَّيه وصدوره عنه بعد تعلق قدرته بوجوده وكونِه واجباً بالغيرِ ولا تفاوتَ في ذلك بـين أنْ يكون ذلك التعلق بطريق الإيجابِ أو بطريقِ الاختيارِ. { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } أي الوصفُ الأعلى العجيبُ الشأنِ من القدرة العامَّةِ والحكمة التَّامةِ وسائر صفاتِ الكمال التي ليس لغيرِه ما يُدانيها فضلاً عمَّا يُساويها، ومن فسَّره بقوله لا إله إلا الله أرادَ به الوصفَ بالوحدانيةِ { فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وٱلأَرْضِ } متعلق بمضمونِ الجملة المتقدِّمةِ على معنى أنَّه تعالى قد وُصف به وعُرف فيهما على ألسنةِ الخلائقِ وألسنةِ الدَّلائلِ، وقيل: متعلق بالأعلى وقيل بمحذوفٍ هو حالٌ منه أو من المثل أو من ضميره في الأعلى { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } القادر الذي لا يعجزُ عن بدءِ ممكنٍ وإعادتِه { ٱلْحَكِيمُ } الذي يجري الأفعالَ على سَنَنِ الحكمة والمصلحةِ.