التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ
٥٨
كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
٥٩
فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ
٦٠
-الروم

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ مِن كُلّ مَثَلٍ } أي وبالله لقد بـينَّا لهم كلَّ حالٍ ووصفنا لهم كلَّ صفةٍ كأنَّها في غرابتها مَثَلٌ وقصصنا عليهم كلَّ قصَّةٍ عجيبةِ الشَّأنِ كصفةِ المبعوثينَ يومَ القيامةِ وقصتهم وما يقولُونَ وما يُقال لهم ويفعلُ بهم من ردِّ اعتذارِهم { وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِـئَايَةٍ } من آياتِ القُرآنِ النَّاطقةِ بأمثالِ ذلك { لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } لفرطِ عتوِّهم وعنادِهم وقساوةِ قلوبِهم مخاطبـينَ للنبـيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والمؤمنين { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ } أي مزوِّرون { كَذٰلِكَ } مثلَ ذلك الطَّبعِ الفظيعِ { يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَّ يَعْلَمُونَ } لا يطلبونَ العلمَ ولا يتحرَّون الحقَّ بل يُصرُّون على خرافاتٍ اعتقدوها وتُرَّهاتٍ ابتدعُوها فإن الجهلَ المركَّبَ يمنعُ إدراكُ الحقِّ ويوجبُ تكذيبَ المُحقِّ.

{ فَٱصْبِرْ } على ما تُشاهد منهم من الأقوالِ الباطلةِ والأفعالِ السئيةِ { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } وقد وعدك بالنُّصرةِ وإظهارِ الدِّينِ وإعلاءِ كلمةِ الحقِّ ولا بُدَّ من إنجازِه والوفاءِ به لا محالةَ { وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ } لا يحملنَّك على الخفَّةِ والقلقِ { ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ } بما تتلُو عليهم من الآياتِ البـيِّنةِ بتكذيبِهم إيَّاها وإيذائِهم لك بأباطِيلِهم التي مِنْ جُملتها قولُهم إنْ أنتُم إلا مُبطلون فإنَّهم شاكُّون ضالُّون ولا يُستبعد منهم أمثالُ ذلك. وقُرىء بالنُّون المخففةِ وقُرىء ولا يستحقنَّك من الاستحقاقِ أي لا يفتُننَّك فيملكوكَ ويكونُوا أحقَّ بك من المؤمنينَ. وأياً ما كان فظاهرُ النَّظمِ الكريمِ وإنْ كانِ نهياً للكَفَرةِ عن استخفافِه عليه السَّلامُ عن التَّاثرِ من استخفافِهم والافتنانِ بفتنتِهم على طريقِ الكنايةِ كما في قوله تعالى: { { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَن لا تَعْدِلُواْ } [سورة المائدة: الآية 8].
عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ قرأَ سورةَ الرُّوم كانَ له مِن الأجرِ عشرُ حسناتٍ بعددِ كلِّ مَلَكٍ يُسبِّحُ الله تعالى بـينَ السَّماءِ والأرضِ وأدركَ ما ضيَّع في يومِه وليلتهِ" «