التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ
٢١
وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ
٢٢
وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٢٣
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ
٢٤
-لقمان

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } أي لمن يجادلُ، والجمعُ باعتبار المعنى { ٱتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا } يُريدون به عبادةَ الأصنامِ { أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ يَدْعُوهُمْ } أي آباءَهم لا أنفسَهم كما قيل: فإنَّ مدارَ إنكارِ الاتباعِ واستبعادِه كونُ المتبوعينَ تابعينَ للشَّيطانِ لا كونُ أنفسِهم كذلك، أي أيتبعونَهم ولو كان الشَّيطانُ يدعُوهم فيما هم عليه من الشِّرك { إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } فهُم متوجهون إليه حسبَ دعوتِه، والجملةُ في حيِّز النَّصبِ على الحاليَّةِ وقد مرَّ تحقيقُه في قولِه تعالى: { { أَوْ لَّوْ كَانَ آبَاؤُهم لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ } [سورة البقرة: الآية 170] بما لا مزيدَ عليهِ { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ } بأنْ فوَّض إليه مجامعَ أمورِه وأقبلَ عليه بكلّيته، وحيثُ عُدِّي باللامِ قصد معنى الاختصاصِ. وقُرىء بالتَّشديدِ. { وَهُوَ مُحْسِنٌ } أي في أعمالِه آتٍ بها جامعةً بـين الحُسنِ الذاتِيِّ والوصفيِّ وقد مرَّ في آخرِ سورةِ النَّحلِ { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } أي تعلَّق بأوثقِ ما يتعلَّق به من الأسبابِ وهو تمثيلٌ لحالِ المتوكلِ المشتغلِ بالطَّاعةِ بحالِ من أراد أنْ يترقَّى إلى شاهقِ جبلٍ فتمسَّك بأوثقِ عُرى الحبلِ المُتدلِّي منه { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ } لا إلى أحدٍ غيرِه { عَـٰقِبَةُ ٱلأُمُورِ } فيجازيه أحسنَ الجزاء. { وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ } فإنَّه لا يضُّرك في الدُّنيا ولا في الآخرةِ. وقُرىء فلا يُحزِنك من أحزَن المنقولِ من حَزِن بكسرِ الزَّاي وليس بمستفيضٍ { إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } لا إلى غيرِنا { فَنُنَبّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ } في الدُّنيا من الكفرِ والمَعَاصي بالعذابِ والعقابِ. والجمعُ في الضَّمائرِ الثَّلاثةِ باعتبارِ معنى مَن كما أنَّ الإفرادَ في الأولِ باعتبارِ لفظِها { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } تعليلٌ للتنبئةِ المعبَّرِ بها عن التَّعذيبِ { نُمَتّعُهُمْ قَلِيلاً } تمتيعاً أو زماناً قليلاً فإنَّ ما يزول وإنْ كانَ بعد أمدٍ طويلٍ بالنسبةِ إلى ما يدومُ قليلٌ { ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } يثقُل عليهم ثقلَ الأجرامِ الغلاظِ أو يضمُّ إلى الإحراقِ الضَّغطَ والتضيـيق.