التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً
٣٤
إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
٣٥
-الأحزاب

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِى بُيُوتِكُـنَّ } أي اذكُرن للنَّاس بطريقِ العظةِ والتَّذكيرِ ما يُتلى في بـيوتكنَّ { مِنْ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْــمَةِ } من الكتابِ الجامعِ بـين كونِه آياتِ الله البـينةِ الدَّالَّةِ على صدقِ النُّبوةِ بنظمِه المُعجزِ وكونِه حكمةً منطويةً على فُنونِ العلومِ والشَّرائعِ وهو تذكيرٌ بما أنعم عليهنَّ حيثُ جعلهنَّ أهلَ بـيتِ النُّبوةِ ومهبطَ الوحيِ وما شاهدْن من بُرَحاءِ الوحيِ ممَّا يُوجب قوةَ الإيمانِ والحرصَ على الطَّاعةِ حثًّا على الانتهاءِ والائتمارِ فيما كُلّفنه، والتعرضُ للتِّلاوةِ في البـيوتِ وإن كان النزول فيها مع أنَّه الأنسبُ لكونِها مهبطَ الوحيِ لعمومِها لجميعِ الآياتِ ووقوعِها في كلِّ البـيوتِ وتكرُّرِها الموجبِ لتمكنهنَّ من الذِّكرِ والتَّذكيرِ بخلافِ النزولِ، وعدمُ تعيـينِ التَّالي لتعمَّ تلاوةَ جبريلَ وتلاوةَ النبـيِّ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ وتلاوتهنَّ وتلاوةَ غيرهنَّ تعليماً وتعلُّماً { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } يعلمُ ويدبِّرُ ما يصلحُ في الدِّينِ ولذلك فعلَ ما فعلَ من الأمرِ والنَّهيِ أو يعلمُ مَن يصلُح للنُّبوةِ ومن يستأهلُ أنْ يكونَ من أهلِ بـيتِه.

{ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ } أي الدَّاخلينَ في السِّلمِ المُنقادينَ لحكمِ الله تعالى من الذُّكورِ والإناثِ { وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } المصدِّقينَ بما يجبُ أنْ يصدَّقَ بهِ من الفريقينِ { وَٱلْقَـٰنِتِينَ وَٱلْقَـٰنِتَـٰتِ } المداومينَ على الطَّاعاتِ القائمينَ بها { وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَـٰتِ } في القولِ والعملِ { وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرٰتِ } على الطَّاعاتِ وعَنِ المَعَاصي { وَٱلْخَـٰشِعِينَ وَٱلْخَـٰشِعَـٰتِ } المتواضعينَ لله بقلوبِهم وجوارحِهم { وَٱلْمُتَصَدّقِينَ وَٱلْمُتَصَدّقَـٰتِ } بما وجبَ في مالِهم { وٱلصَّـٰئِمِينَ وٱلصَّـٰئِمَـٰتِ } الصَّومَ المفروضَ { وَٱلْحَـٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَـٰفِـظَـٰتِ } عن الحرامِ { وَٱلذكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذكِرٰتِ } بقلوبِهم وألسنتِهم { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ } بسببِ مما عملُوا من الحسناتِ المذكورةِ { مَغْفِرَةً } لما اقترفُوا من الصَّغائرِ لأنهنَّ مكفراتٌ بما عملُوا من الأعمالِ الصَّالحةِ { وَأَجْراً عَظِيماً } على ما صدرَ عنهم من الطَّاعاتِ والآياتِ وعدَّ لهنَّ ولأمثالِهنَّ على الطَّاعةِ والتَّدرعِ بهذهِ الخصالِ الحميدةِ. (رُوي أنَّ أزواجَ النبـيِّ صلى الله عليه وسلم ورضي عنهنَّ قلنَ: يا رسولَ الله، ذَكَر الله الرِّجالَ في القرآنِ بخيرٍ فما فينا خيرٌ نذكرُ به إنَّا نخافُ أنْ لا يقبلَ منَّا طاعةٌ فنزلتْ). وقيلَ: السَّائلةُ أمُّ سلمةَ. (ورُوي أنَّه لمَّا نزلَ في نساءِ النبـيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ما نزلَ قالَ نساءُ المؤمنينَ: فما نزلَ فينا شيءٌ فنزلتْ). وعطفُ الإناثِ على الذُّكورِ لاختلافِ الجنسينِ وهو ضروريٌّ. وأمَّا عطفُ الزَّوجينِ على الزَّوجينِ فلتغايرِ الوصفينِ فلا يكونُ ضرورياً ولذلكَ تُرك في قولِه تعالى: { { مُسْلِمَـٰتٍ مُّؤْمِنَـٰتٍ } [سورة التحريم: الآية 5] وفائدتُه الدِّلالةُ على أنَّ مدارَ إعدادِ ما أُعدَّ لهُم جمعُهم بـين هذهِ النُّعوتِ الجميلةِ.