التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٦٥
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ
٦٦
هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ
٦٧
هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ
٦٨
-غافر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ هُوَ ٱلْحَيُّ } المتفردُ بالحياةِ الذاتيةِ الحقيقةِ { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } إذْ لاَ موجودَ يدانيهِ في ذاتِه وصفاتِه وأفعالِه { فَٱدْعُوهُ } فاعبدُوه خاصَّةً لاختصاصِ ما يُوجبه به تعالَى { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ } أي الطاعةَ من الشركِ الجليِّ والخفيِّ { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أيْ قائلينَ ذلكَ، عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنُهمَا: مَنْ قالَ لا إلهَ إلاَّ الله فليقُلْ علَى أثرِها الحُمد الله ربِّ العالمينَ.

{ قُلْ إِنّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَاءنِى ٱلْبَيّنَـٰتُ مِن رَّبّى } من الحججِ والآياتِ أو من الآياتِ لكونِها مؤيدةً لأدلةِ العقلِ منبهةً عليها فإنَّ الآياتِ التنزيليةَ مفسراتٌ للآياتِ التكوينيةِ الآفاقيةِ والأنفُسية. { وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أيْ بأنْ أنقادَ لهُ وأخلصَ له دِيني { هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ } أيْ في ضمنِ خلقِ آدمَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ منه حسبَما مرَّ تحقيقُه مراراً. { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } أي ثمَّ خلقكُم خلقاً تفصيلياً من نطفة أي منيَ. { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } أي أطفالاً. والإفراد لإرادة الجنسِ، أو لإرادةِ كلِّ واحدٍ من أفرادِه. { ثُمَّ لِتَـبْلُغُواْ أَشُدَّكُـمْ } علةٌ ليخرجَكم معطوفةً على علةٍ أُخرى له مناسبةٌ لها كأنَّه قيلَ ثم يُخرجَكُم طِفْلاً لتكبَروا شيئاً فشيئاً ثم لتبلُغوا كمالَكُم في القوةِ والعقلِ وكَذا الكلامُ في قولِه تعالى: { ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً } ويجوزُ عطفُه عَلى لتبلغُوا. وقُرِىءَ شيخاً كقولِه تعالَى طِفْلاً { وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ } أي من قبلِ الشيخوخةِ بعد بلوغِ الأشدِّ أو قبلَه أيضاً. { وَلِتَبْلُغُواْ } متعلقٌ بفعلٍ مقدرٍ بعدَهُ أي ولتبلغُوا { أَجَلاً مُّسَمًّى } هُو وقتُ الموتِ، أو يومَ القيامةِ يفعلُ ذلكَ { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } ولكي تعقلُوا ما في ذلكَ من فنونِ الحِكَمِ والعِبر { هُوَ ٱلَّذِي يُحْيي } الأمواتَ { وَيُمِيتُ } الأحياءَ أو الذي يفعلُ الإحياءَ والإماتةَ { فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً } أي أرادَ أمراً من الأمورِ { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } من غيرِ توقفٍ على شيءٍ من الأشياءِ أصلاً وهذا تمثيلٌ لتأثيرِ قُدرتِه تعالى في المقدوراتِ عند تعلقِ إرادتِه بها وتصويرٌ لسرعةِ ترتبِ المكوناتِ على تكوينِه من غيرِ أنْ يكونَ هناكَ أمرٌ ومأمورٌ. والفاءُ الأُولَى للدِلالةِ على أنَّ ما بعدَها من نتائج ما قبلها من اختصاصِ الإحياءِ والإماتةِ به سبحانَه.