التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
٢٥
وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
٢٦
-الشورى

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَهُوَ ٱلَّذِى يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } التوبةُ هي الرجوعُ عنِ المعاصِي بالندمِ عليها والعزمُ على أنْ لا يعاودها أبداً. ورَوَى جابرٌ رضيَ الله عْنهُ أنَّ أعرابـياً دخلَ مسجدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقالَ: اللهمَّ إنِّي أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ وكبَّرَ فلما فرغَ من صلاتِه قالَ له عليٌّ رضيَ الله عُنهُ يا هَذا إنَّ سرعةَ اللسانِ بالاستغفارِ توبةُ الكذَّابـينَ وتوبتُكَ هذهِ تحتاجُ إلى التوبةِ فقالَ يا أميرَ المؤمنينَ، وما التوبةُ قالَ اسمٌ يقع على ستةِ معانٍ: على الماضِي من الذنوبِ الندامةُ، ولتضيـيع الفرائضِ الإعادةُ وردُّ المظالمِ وإذابةُ النفسِ في الطاعةِ كما ربَّـيتها في المعصيةِ وإذقتُها مرارةَ الطاعةِ كما أذقتَها حلاوةَ المعصيةِ والبكاءُ بدلُ كلِّ ضحكٍ ضحكتَهُ. { وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيّئَـٰتِ } صغيرها وكبـيرِها لمنْ يشاءُ { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } كائناً ما كانَ من خيرٍ وشرَ فيجازِي ويتجاوزُ حسبما تقتضيه مشيئتُه المبنية على الحِكَمِ والمصالحِ. وقُرِىءَ ما تفعلونَ بالتاءِ. { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } أي يستجيبُ الله لهم فحُذف اللامُ كما في قولِه تعالى: { وَإِذَا كَالُوهُمْ } [سورة المطففين، الآية 3] أي كالُوا لَهُم، والمرادُ إجابةُ دعوتِهم والإثابةُ على طاعتهم فإنَّها كدعاءٍ وطلبٍ لِما يترتبُ عليها، ومنْهُ قولُه عليهِ السَّلامُ: "أفضلُ الدُّعاءِ الحمدُ لله" . أو يستجيبونَ بالطاعةِ إذا دَعَاهُم إليَها. وعنُ إبراهيِمَ بنِ أدهم أنَّه قيلَ لَهُ ما بالُنَا ندعُو فلا نجابُ قالَ لأنَّه دعاكُم ولم تجيبُوه ثمَّ قرأَ: { { وَٱللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } [سورة يونس، الآية 25] { وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ } على ما سألوا واستحقوا بموجب الوعد. { وَٱلْكَـٰفِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }. بدلَ مَا للمؤمنينَ من الثوابِ والفضلِ المزيدِ.