التفاسير

< >
عرض

فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ
٤١
أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ
٤٢
فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤٣
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ
٤٤
وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ
٤٥
-الزخرف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ } أي فإنْ قبضناكَ قبلَ أنْ نُبصِّرك عذابَهم ونشفيَ بذلكَ صدركَ وصدورَ المؤمنينَ { فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } لا محالةَ في الدُّنيا والآخرةِ. فَما مزيدةٌ للتأكيدِ بمنزلةِ لام القسمِ في أنَّها لا تفارقُ النونَ المؤكدةَ { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِى وَعَدْنَـٰهُمْ } أيْ أو أردنا أنْ نُريكَ العذابَ الذي وعدناهُم { فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } بحيثُ لا مناصَ لهُم من تحتِ ملَكتِنا وقهرِنا، ولقد أراهُ عليه السَّلامُ ذلكَ يومَ بدرٍ { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ } من الآياتِ والشرائعِ سواءٌ عجَّلنا لكَ الموعودَ أو أخرنَاهُ إلى يومِ الآخرةِ. وقُرِىءَ أَوْحَى على البناءِ للفاعلِ، وهو الله عزَّ وجلَّ. { إِنَّكَ عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } تعليلٌ للاستمساكِ أو للأمرِ بهِ { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ } لشرفٌ عظيمٌ { لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ } يومَ القيامةِ عنْهُ وعنْ قيامِكم بحقوقِه. { وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا } أي واسألْ أممَهم وعلماءَ دينِهم كقولِه تعالى: { { فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءونَ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكَ } [سورة يونس، الآية 94] وفائدةُ هَذا المجازِ التنبـيهُ على أنَّ المسؤولَ عنه عينُ ما نطقتْ به ألسنةُ الرسلِ لا ما يقولُه أممُهم وعلماؤُهم من تلقاءِ أنفسِهم. قالَ الفَرَّاءُ: هُم إنما يخبرونَهُ عن كتبِ الرسلِ فإذا سألَهم فكأنَّه سأَل الأنبـياءَ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ { أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰن ءَالِهةً يُعْبَدونَ } أي هلَ حكمنَا بعبادةِ الأوثانِ وهل جاءتْ في ملةٍ من مللِهم، والمرادُ به الاستشهادُ بإجماعِ الأنبـياءِ على التوحيدِ، والتنبـيهُ على أنَّه ليسَ بِبدْعٍ ابتدعَهُ حتى يكذّبَ ويُعادَى.