التفاسير

< >
عرض

وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٨٥
وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
٨٦
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ
٨٧
وَقِيلِهِ يٰرَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ
٨٨
فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٨٩
-الزخرف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَتَبَارَكَ ٱلَّذِى لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } إمَّا على الدوامِ كالهواءِ أو في بعضِ الأوقاتِ كالطيرِ. { وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } أي العلمُ بالساعةِ التي فيها تقومُ القيامةُ { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } للجزاءِ. والالتفاتُ للتهديدِ، وقُرِىءَ على الغَيبـيةِ، وقُرِىءَ تُحشرونَ.

{ وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } أي يدعُونهم، وقُرِىءَ بالتَّاءِ مخففاً ومشدداً { مِن دُونِهِ ٱلشَّفَـٰعَةَ } كما يزعمُونَ { إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقّ } الذي هُو التوحيدُ { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } بما يشهدونَ بهِ عن بصيرةٍ وإيقانٍ وإخلاصٍ، وجمعُ الضميرِ باعتبارِ مَعْنى مَنْ كمَا أنَّ الإفرادَ أولاً باعتبارِ لفظِها، والاستثناءُ إمَّا متصلٌ والموصولُ عامٌّ لكلِّ ما يُعبدُ من دونِ الله، أو مُنفصلٌ على أنَّه خاصٌّ بالأصنامِ. { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ } أي سألتَ العابدينَ والمعبودينَ { لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } لتعذرِ الإنكارِ لغايةِ بطلانِه { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } فكيفَ يُصرفونَ عن عبادتِه إلى عبادةِ غيرِه مع اعترافِهم بكونِ الكلِّ مخلوقاً له تعالى { وَقِيلِهِ } بالجرِّ، إمَّا على أنَّه عطفٌ على الساعةِ أيْ عندَهُ علمُ الساعةِ وعلم قولِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ { يَا رَبّ } الخ. فإنَّ القولَ والقيلَ والقالَ كلَّها مصادرُ، أو عَلى أنَّ الواوَ للقسمِ، وقولَه تعالَى: { إِنَّ هَـؤُلاَء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } جوابُه. وفي الإقسامِ بهِ من رفعِ شأنِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام وتفخيمِ دُعائِه والتجائِه إليهِ تعالَى ما لا يَخْفى. وقُرِىءَ بالنصب بالعطفِ على سرَّهم أو على محلَّ الساعةِ أو بإضمارِ فعلهِ أو بتقديرِ فعلِ القسمِ، وقُرِىءَ بالرفعِ على الابتداءِ والخبرُ مابعدَهُ، وقد جُوِّزَ عطفُه على علمُ الساعةِ. { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ } فأعرضْ عن دعوتِهم واقنَطْ عن إيمانِهم { وَقُلْ سَلَـٰمٌ } أيْ أمري تسلمٌ منكم ومتاركةٌ. { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } حالَهم البتةَ وإنْ تأخرَ ذلكَ، وهو وعيدٌ من الله تعالَى لهم وتسليةٌ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم. وقُرِىءَ تعلمونَ على أنَّه داخلٌ في حيزِ قُلْ.

عن النبـيِّ صلى الله عليه وسلم: " "مَنْ قرأَسورةَ الزخرفِ كانَ ممَّن يقالُ لهُ يوم القيامةِ يا عبادِ لا خوفٌ عليكُم اليومَ ولا أنتُم تحزنونَ ادخلُوا الجنةَ بغيرِ حسابٍ" .